إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103237 مشاهدة print word pdf
line-top
الصفة الثالثة الغدر

...............................................................................


والصفة الثالثة التي هي الغدر؛ ورد ما يدل على أنه من صفات المنافقين والكاذبين، ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه يقال هذه غدرة فلان بن فلان غدرة واحدة يرفع له لواء يوم القيامة، يعرف بهذا أنه قد غدر.
الغدر: هو إخلاف المعاهدة, العهد أن تتعهد لإنسان بكذا وكذا ولا تكذب في هذه المعاهدة، وقد أمر الله بالوفاء بالعهود قال الله تعالى: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا يعني إذا عاهدتم الله فإن عليكم أن توفوا ولا تغدروا, وقال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا هذا مطلق العهد بينكم وبين الله، والعهد بينكم وبين عباد الله، وكذلك قوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا العهد هو التعهد، فأنت تقول لفلان: أتعهد لك أو لك عهدي وميثاقي أن آتيك في المكان الفلاني، أو أوفيك حقك في المكان الفلاني، فيكون هذا العهد ملزما لك بالوفاء أن تفعله بقدر ما تستطيع، وإلا فلا تعاهد وأنت لا تقدر على الوفاء بهذا العهد، فإن ذلك يعرضك لهذه الصفة التي هي من صفات المنافقين صفة الغدر.
ومن ذلك أيضا معاهدة الخلفاء والملوك على أن يكون معهم, فالغدر في ذلك: الخروج على الوالي، وقد تعهد بأنه ينصح له وبأنه يفي له وبأنه معه لا عليه، فيعتبر إذا نقض ذلك قد أخفر ذمته، وقد نقض عهده وقد اتصف بصفة من صفات المنافقين, فأمر العهد والوفاء به أمر شديد يظهر أثره في الدنيا، وكذلك في الآخرة.

line-bottom