تفاسير سور من القرآن
خروج المرأة من بيتها
...............................................................................
وكذلك ما يزينه إبليس من أنه لا بد أن تكون النساء كالرجال في جميع الميادين؛ فهذا أمر قد بيناه أيضا، أن الحق فيه مع القرآن كما لا يخفى، وأن الفلسفات الشيطانية إنما أضاعت أخلاق الناس، وابتذلت النساء وضيعتهن من حيث لا يشعرن.
لأن الشيطان يسوءه -لعداوته للإنسان- ما جاء به الإسلام من معاونة الرجل وامرأته على بناء أولادهما وأسرتهما، والمساعدة في مجتمعهما بأن يخرج الرجل لأن فحولته وذكورته مناسبة للخروج؛ قوامه قوي وعضلاته قوية وعيونه محمرة قوية، لا يتلذذ به من رآه وليس متعرضا للفتنة.
يقوم في كدح الحياة لتحسين شئون الحياة، وفي الجهاد لرد الكفاح المسلح وإعلاء كلمة الله، ويترك قرينه الآخر الكريم وهو امرأته الكريمة العفيفة الصينة، المطيعة لله جل وعلا، المحافظة على شرفها ودينها وكرمها، المبيضة وجه نفسها ووجه أسرتها.
يتركها في بيته في صيانة وستر وعفاف، فيجدها قائمة أحسن قيام تحنو على الرضيع فترضعه وعلى الفطيم فترحمه، وعلى المريض فتعالجه، وعلى شئون البيت فتقوم بجميع مصالحها.
فإذا جاء الرجل من عمله، وجد قرينه الآخر الكريم قائما بأكبر مساعدة وأعظم معونة، وأعظم تربية للأولاد الصغار لتعليمهن الأدب ومبادئ الدين ولإصلاح بيته؛ فيجد قرينه الآخر الكريم قائما له بأعظم مساعدة على بناء الأسرة الخاص، وبناء المجتمع العام لأنه متركب من الأسر الخاصة.
إلا أن الشيطان لعداوته لبني آدم يضره هذا التعاون الكريم الشريف النزيه، وبناء المجتمع من الطرفين على أكمل الوجوه وأتمها وأليقها بالشرف والمروءة؛ فيأتي لأوليائه ويهمس في آذان المرأة ويقول: الرجل يخرج ويختلط بالدنيا، وتبقين أنت محبوسة كالدجاجة فأنت لست بدجاجة.
أنت إنسان ينبغي أن تخرجي كما يخرج الرجل وتزاولي ما يزاوله الرجل، فإذا خرجا معا اضطرا لئن يؤجرا إنسانا يجلس في البيت ليحافظا على الأولاد وشئون البيت الداخلية؛ فيصير ذلك الأجير المسكين هو الضحية وهو الدجاجة المحبوسة في البيت لتتمكن المرأة من الخروج.
ويكون جمالها وقفا على الخونة كما أوضحناه مرارا؛ لأنها إذا خرجت كانت كل عين فاجرة تنظر إليها، وتتمتع بجمالها كما شاءت.
والرجل ربما نزل منه المني بالنظرة إلى جمال المرأة الجميلة كما هو معروف؛ فيستغل جمالها مجانا بلا ثمن غدرا وخيانة ومكرا، وجناية على شرف المسكينة، وعلى مروءتها، وعلى فضلها، وعلى أسرتها باسم فلسفة شيطانية فاضية جوفاء باسم التقدم، باسم الحضارة، باسم التمدن.
وكل ذلك ضلال وإضلال وضياع للأخلاق والمروءة والشرف تحت شعارات براقة زائفة كاذبة، يضيع الشيطان تحتها كل فضيلة وكل شرف وكل مروءة. وهذا مشاهد في الأقطار التي أطلقت لنسائها الحرية، وصرن يخرجن عاريات يزاولن ما يزاوله الرجال من الأعمال.
فتراهن ذهب من جميعهن الحياء والشرف النسوي، وصارت أولاد الزنا تؤخذ من الشوارع، تعد بالآلاف والملايين. ومن نظر في إحصائيات أولاد الزنا في العالم المتمدن؛ يعلم أن نتيجة فلسفات الشيطان هي الزنا والانحطاط الخلقي وضياع الشرف وذهاب المروءة والكرم.
ومع هذا، هذا يسمونه التقدم والحضارة والتمدن والذوق السليم. والتشريع السماوي الذي يقول الله فيه: رسم> وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ قرآن> رسم> الذي طعنوا فيه ونبذوه وراء ظهورهم، وتقولوا عليه كما تقول الكفار أنه لا يساير ركب الحضارة، وليس بصالح لكل زمان.
هو الذي يأمرهم بالعفاف والكرم والمحافظة على الأخلاق والشرف، مع العمل الحثيث في الدنيا. وربما تضطر بعض النساء إلى مزاولة الأعمال؛ كالتي لا زوج لها ولا ولي لها يقوم بشئونها.
فنحن لا نقول أنها تبقى عالة لا تعمل؛ بل تذهب وتعمل في بعض مرافق الحياة لتسد خلتها وماء وجهها عن تكفف الناس، ولكنها تعمل في عفاف وستر وصيانة وكرم، وعدم مخالطة للأجانب، وعدم إهدار لفضيلة وارتكاب للرذيلة.
فرب امرأة عملت عملا من أعمال الحياة الدنيا سدت به خلتها، وقومت به شأنها؛ وهي في غاية العفاف والتستر والأخذ بمكارم الأخلاق.
والحاصل أن الله جل وعلا يقول: رسم> وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ قرآن> رسم> .
مسألة>