الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
تفاسير سور من القرآن
65320 مشاهدة
سبب نزول قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ

...............................................................................


وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ أجمع كافة العلماء أن هذه الآية الكريمة من سورة براءة نزلت لما استنفر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى غزو الروم وفي غزوة تبوك.
كان ذلك في ساعة العسرة، كما يأتي منصوصا في هذه السورة الكريمة، وكان وقت شدة الحر، والأرض في غاية الجدب، وكان في المدينة النخيل حين .. ثمرته، وطابت الظلال والمياه الباردة، فركنوا إلى الدعة وإلى نعيم الدنيا في الظل والثمار والمياه والظلال الباردة.
فركنوا إلى هذا لأن العدو قوي وكثير العدد جدا، والشقة بعيدة والزمان حار، ولذا من تكاسلوا منهم وبخهم الله هذا التوبيخ العظيم في هذه الآية الكريمة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ ؛ أي شيء ثبت لكم يقتضي نكولكم عن الغزو، واختياركم للدعة والراحة على مرضاة الله وإعلاء كلمة الله؟
مَا لَكُمْ أي شيء ثبت لكم؟ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا ؛ أي إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ انفروا معنا، تهيأوا خارجين متحركين للحرب؛ حرب الروم في سبيل الله؛ لأن القتال والجهاد في سَبِيلِ اللَّهِ هو أعظم أنواع سَبِيلِ اللَّهِ جل وعلا.