لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
تفاسير سور من القرآن
65350 مشاهدة
الطلاق بيد الرجل

...............................................................................


كذلك جعل الطلاق في يد الرجل حكمته بالغة واضحة لا إشكال فيها؛ لأن القرآن بين أن النساء وإن كن في غاية الكرامة على أزواجهن وعلى أسرهن، وهن في المنزلة العليا التي جعلها الله لهن، من أنهن يكفين جميع الحقوق، ويكفين جميع المؤونات، ويصن أكرم الصيانة وأعزها، وألا يبذلن لضياع شرفهن ولا مروءتهن.
هن على ذلك مزارع تزرع فيها النطف حتى تستحصد ويأخذها صاحبها؛ فتثمر النطفة في رحم المرأة. ثم تلدها فيأخذها صاحبها الذي زرعها وهو الرجل، ويقال: هذا ابن فلان. والله يقول: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .
وإنما سمى النساء حرثا؛ لأن طبيعة الحال والأمر الواقع هو يقتضي ذلك بلا شك ولا ريب؛ لأن آلة التناسل والازدراع هي مع الرجل؛ فلو أرادت المرأة أن تأخذ حملا من الرجل، وأن تجامعه فتحمل منه وهو كاره؛ فإن ذكره لا ينتشر إليها، ولا تقدر أن تأخذ منه شيئا.
بخلاف الرجل فعنده آلة النسل وآلة الازدراع؛ فهو فاعل بطبيعة حاله وهي مفعول بطبيعة الوضع الذي خلقها الله وجبلها عليه؛ فالرجل قد يجامعها راغمة مكرهة وتلد ولدا يكون هو خير الدنيا والآخرة عليها وإن حملت به كرها وإرغاما غير راضية.
أما الرجل فلا تكاد المرأة أن تحصل منه على حمل وهو كاره أبدا؛ لأنه إذا كان غير راغب في ذلك لا ينتشر ذكره، ولا يقوم إليها ولا تقدر منه على شيء؛ فتبين أنه فاعل بطبيعة الحال والجبلة الخلقية، وأنها مفعول به بالطبيعة التي خلقها الله وجبلها عليها كما قال: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ لأنه يحبلها وهي كارهة؛ كما قال أبو كبير الهذلي في ربيبه تأبط شرا
ممـن حملـن بـه وهـن عواقــد
حبـك النطاق فشـب غـير مغـبر
يعني حبلت به أمه وهي عاقدة حبك نطاقها، شادة إزارها، ممتنعة من أن تحل الإزار فقد أكرهت على ذلك الجماع الذي حبلت منه.
ولأجل هذا إذا كان الرجل فاعلا والمرأة مزدرع ليس من العقل، ولا من الحكمة أن نقول للإنسان لا رغبة له في الازدراع في حقل: لا بد أن نرغمك على هذا الحقل والبقاء معه وأنت لا رغبة لك فيه.
والرجل لم يفن من جمال المرأة شيئا، إنما أفنى جمالها الليالي والأيام:
أفنــاه قيـل اللـه للشمـس اطلعــي
فالرجل لم ينقص من جمالها شيئا، وإنما نقصه الله بطول عمرها. والمدة التي مكث معها هو قائم بجميع شئونها، وليس ملزما بالبقاء دائما عند حقل لا خير له فيه؛ فلو أرغم على البقاء معها دائما وهو كاره، لم تستفد منه شيئا، ولم تقدر أن تأتي منه بولد، ولا أن تحصل منه على شيء بخلاف الرجل .