إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
تفاسير سور من القرآن
87653 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى قوله: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ

...............................................................................


سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ هذا استئناف فكأن قائلا قال: وماذا بعد غفران الخطايا؟ قال: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ السين للتنفيس وهو وعد صادق من الله.
واختلفت عبارات المفسرين في المراد بالمحسنين، ولا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأن خير ما يفسر به كتاب الله بعد كتاب الله، سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وقد فسر الْمُحْسِنِينَ تفسيرا ثابتا في الصحيح؛ فلا ينبغي العدول عنه لغيره.
وذلك ما هو مشهور في حديث جبريل لما جاء في صورة الأعرابي وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد ؛ أخبرني عن الإحسان. فقال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن سؤال جبريل هذا؛ ليعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معنى الإحسان، أنه سؤال عظيم محتاج إليه غاية الحاجة؛ وذلك أن الله جل وعلا بين في آيات من كتابه أن الحكمة التي خلق من أجلها خلقه وسماواته وأرضه هي أن يبتلي الخلق؛ أي يختبرهم في شيء واحد هو إحسانهم العمل؛ ليظهر من يحسن منهم عمله ومن لا يحسنه.
كما قال تعالى في أول سورة هود: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثم بين الحكمة وقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ولم يقل أيكم أكثر عملا. وقال في أول سورة الكهف: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا ثم بين الحكمة بقوله: لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وقال في أول سورة الملك: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ثم بين الحكمة فقال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا .
فاتضح بهذه الآيات أن الإحسان هو الذي خلقتم من أجل الابتلاء فيه. ولا ينافي هذا قوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ؛ أي إلا لآمرهم بالعبادة على ألسنة رسلي، فأبتلي محسنهم من غير محسنهم كما لا يخفى.
صار الإحسان محتاجا إلى معرفته؛ لذا سأل جبريل عنه وأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والإحسان مصدر أحسن العمل يحسنه إحسانا؛ إذا جاء به حسنا متقنا لا نقص فيه ولا وصم، وإحسان العمل لا يمكن إلا بمراقبة خالق هذا الكون جل وعلا.
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن العلماء أجمعوا على أنه لم ينزل الله واعظا من السماء إلى الأرض، ولا زاجرا أكبر من واعظ المراقبة المعبر عنه هنا بالإحسان.
وقد ضرب العلماء لهذا مثلا؛ قالوا: لو فرضنا أن في هذا البراح من الأرض ملكا عظيم البطش شديد النكال، وسيافه قائم على رأسه، والنطع مبسوط، والسيف يقطر منه الدم؛ ولله المثل الأعلى.
وهذا الملك الذي هذا بطشه وشدته ينظر؛ أترى أن أحدا من الحاضرين يهتم بريبة مع بناته أو زوجاته أو نسائه؟ لا. كلهم خاشع الطرف ساكن الجوارح أمنيته السلامة. ولله المثل الأعلى؛ فرب العالمين أعظم اطلاعا وأشد بطشا، وحماه في أرضه محارمه. فمن لاحظ أن رب السماوات والأرض مطلع عليه، وأنه يرى كل ما يفعل إن كان عاقلا لابد أن يحاسب.
ولو علم أهل بلد أن أمير ذلك البلد بات مطلعا على كل ما يفعلون من القبائح والخسائس لكفوا عن كل ما لا ينبغي، ولم يرتكبوا إلا ما يجمل. ولله المثل الأعلى؛ فكيف بخالق السماوات والأرض الذي يعلم خطرات القلوب؟.
وكيف يجهل خطرات القلوب خالق خطرات القلوب؟. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ .
معناه أن المحسنين الذين يراقبون الله، ويعبدونه كأنهم يرونه أن الله يزيدهم على هذه المراقبة وهذه النية وهذا الإحسان للعمل -يزيدهم أجرا على أجرهم.
وقد جاءت آية في سورة يونس تدل على أن إحسان العمل يزيد الله صاحبه النظر إلى وجهه الكريم، كما يأتي في تفسير قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فقد جاء في الصحيح أن المراد بالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
وبذلك فسر بعض العلماء قوله تعالى في ق: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ومعنى الآية أن المحسنين الذين يراقبون الله عند الأعمال فيعبدونه كأنهم يرونه يزيدهم أجرا. ولا مانع من أن يكون مما يزيدهم النظر إلى وجهه الكريم كما فسرت به آية يونس المذكورة آنفا. وهذا معنى قوله: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ .

line-bottom