تفاسير سور من القرآن
معنى قوله: كذلك نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
...............................................................................
كذلك التصريف. التصريف قلب الشيء من حال إلى حال، والله يبين لنا المواعظ موعظة بعد موعظة، والآيات آية بعد آية في أسلوب بعد أسلوب. كذلك التصريف الذي صرفنا لكم فيه هذه الآيات، وبينا لكم ما يلزم، وبينا لكم عظم قدرتنا وأدلة ربوبيتنا وألوهيتنا، وضربنا لكم الأمثال فيمن ينفع فيه ذلك ومن لا ينفعه به. كذلك التصريف الموضح للآيات جملة بعد جملة وآية بعد آية، كذلك التصريف.
رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد بينا في هذه الدروس مرارا أن لفظة القوم أنه اسم جمع لا واحد له من لفظه، وأنه يطلق على خصوص الذكور بالوضع العربي، وربما دخلت فيه الإناث بحكم التبع، وبينا أن الدليل على اختصاص لفظ القوم بالذكور قوله تعالى في الحجرات: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ودل عليه أيضا قول زهير بن أبي سلمى اسم>
وما أدري وسـوف إخــال أدري | أقـوم آل حـصن أم نســـــاء |
والدليل على دخول الإناث في القوم بحكم التبع قوله تعالى في بلقيس اسم> رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولذا بين الله أن إنزاله فضل كبير على الخلق لما قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
بين أن إنزال القرآن العظيم أكبر فضل، قال : رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولذا قال هنا: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقد بينا في هذه الدروس مرارا أن أصل الشكر في لغة العرب ربما يراد به الظهور؛ ولذا تسمي العرب الغصن الذي ينبت في الجذع الذي كان مقطوعا تسميه شكيرا؛ لأنه ظهر بعد أن لم يكن هناك شيء ظاهر. وتقول العرب: ناقة شكور إذا كان يظهر عليها آثار السمن.
والمراد به في اللغة أن يكون أثر نعم الله ظاهرا على عبده؛ فلا يجحده ولا يكفر به ولا يجحد نعمه، ولا يستعين بها على ما لا يرضيه.
وقد بينا أن القرآن جاء فيه شكر الرب لعبده، وشكر العبد لربه. جاء شكر الرب لعبده في قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وبينا أن بعض العلماء يقول: إن شكر الرب لعبده هو أن يثيبه الثواب الجزيل من عمله القليل، وشكر العبد لربه هو أن يستعمل نعمه في مرضاة ربه؛ فنعمة العين شكرها ألا ينظر بها إلا فيما يرضي من خلقها وامتن بها. وشكر نعمة اليد ألا يبطش بها إلا فيما يرضي من خلقها وامتن بها، وشكر نعمة الرجل ألا يمشي بها إلا إلى ما يرضي من خلقها وامتن بها، وشكر المال ألا يستعين به ويصرفه إلا فيما يرضي من خلقه وامتن به، وهكذا .
وبينا أن العبد الذي يستعين بنعم الله على معاصي الله أنه بالغ من اللؤم والوقاحة شيئا لا يقادر قدره؛ فمن أعظم الناس لؤما وأشدهم وقاحة وأقلهم حياء هو من يستعمل نعم خالق السماوات والأرض التي أنعمها عليه؛ يستعملها ويستخدمها في معصيته، وفيما يسخطه!! فهذا الإنسان ليس في وجهه ماء يستحيي به؛ فهو من أقل الناس حياء وألئمهم وأخسهم .
وكيف يجمل بعبد مسكين ضعيف أن ينعم عليه خالق السماوات والأرض نعمه الكثيرة بفضله ورحمته، ثم يستعين بنعم خالقه على معصية خالقه، وما يسخط خالقه؛ فهذا أقبح اللؤم وأخسه، وصاحبه أقل الناس حياء وأشدهم وقاحة .
وبينا أن مادة شكر في لغة العرب -أنها تتعدى إلى النعمة بنفسها بدون حرف الجر؛ تقول: شكرت نعمة الله، وهذا أمر لا خلاف فيه، ومنه قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أما شكر المنعم فاللغة الفصحى التي نزل بها القرآن أن يعدى الشكر إلى المنعم باللام، فتقول: شكرا لك، وتقول: أنا أشكر لك، ولا تقول: أنا أشكرك، وتقول: نحمد الله ونشكر له، ولا تقول: ونشكره. وهذه هي اللغة الفصحى. تعديته باللام هي اللغة الفصحى التي لا شك في أنها أفصح وهي لغة القرآن ؛ لأنه ما جاء في القرآن معدى إلى المنعم إلا باللام كقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولم يقل في آية واحدة: اشكرني بتعدية الفعل إلى المفعول دون اللام. ومن هنا شذ قوم من علماء العربية فقالوا: أحمده وأشكره لحن، ولا يجوز: وأشكره، وإنما يجوز وأشكر له. ولكنهم غلطوا؛ لأن اللغة الفصحى هي وأشكر له، ولكن وأشكره بتعدية الفعل إلى المنعم بلا واسطة حرف جر -لغة معروفة مسموعة في كلام العرب.
وقد بينا فيما مضى شواهدها. ومن شواهدها قول أبي نخيلة اسم>
شكرتك إن الشكر حبل مـن التقـى | وما كل من أوليتـه نعمـة يقضـي |
خليلي عوجا اليوم حـتـى تسلمـا | على عذبة الأنياب طيبـة النشــر |
فإنكما إن عجتمـا بـي سـاعـة | شكرتكما حتى أغيب فـي قــبري |
فتبين من هذا أن مادة شكر تتعدى إلى النعمة مفعولا بنفسها وإلى المنعم باللام في اللغة الفصحى. وربما تعدت إلى المنعم بنفسها بدون حرف جر، وهذا معنى قوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>