إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
تفاسير سور من القرآن
92516 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون

...............................................................................


فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ .
ذكرهم نبي الله هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أمرهم أن يذكروا آلَاءَ اللَّهِ و آلَاءَ اللَّهِ نعمه المتواترة عليهم من الصحة والعافية وقوة الأبدان، وما يسر لهم من الأرزاق والرفاهية في الدنيا. والآلاء النعم، واحده إِلًى بكسر الهمزة وفتح اللام مقصورا كعنب وأعناب، ويقال فيه: إلو، وألو، وآلاء، وأكثرها في مفرد الآلاء إلى بكسر ففتح، والمراد به النعمة، والآلاء النعم.
فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ ؛ أي تذكروا نعم الله الكثيرة التي لا تحصى التي أنعمها عليكم ذكرا يحملكم على طاعة الله وتصديق رسوله وعبادته وحده، وترك عبادة الأصنام لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون والآية تدل على أن من تذكر نعم الله عليه ذكرا يحمله على شكر تلك النعمة، والخضوع لله، والإنابة إليه بطاعته أنه يفلح.
ولذا رتب على قوله: فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ قال: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون فإنكم إن ذكرتم آلَاءَ اللَّهِ يرجى لكم الفلاح بناء على أن لعل على بابها من الترجي بحسب ما يظهر لهود عليه الصلاة والسلام، وعلى أنها حرف تعليل، والمعنى: اذكروا نعمة الله لأجل أن تفلحوا.
وقد بينا مرارا أن العرب تقول: أفلح الرجل يفلح فلاحا، والفلاح اسم المصدر، والقياس في مصدرها إفلاحا، لأن المقرر في فن التصريف أن كل ماض جاء على وزن أفعل فالقياس في مصدره أن يكون إفعالا ما لم يكن معتل العين، فإن كان معتل العين سقطت العين بالاعتلال، وعوضت منها التاء على الرواية الكثيرة الفصيحة كما هو معروف في علم العربية موضح في فن التصريف.
فالفلاح اسم مصدر. والفلاح في لغة العرب يطلق على معنيين كما بيناه مرارا، يطلق الفلاح في لغة العرب على الفوز بالمطلوب الأكبر، تقول العرب: أفلح فلان إذا فاز بأعظم مطلوب كان يطلبه فمن نال رغبته، وحصل مطلوبه تقول له العرب: أفلح.
وهو معنى معروف في كلام العرب، منه قول لبيد بن ربيعة
فاعقلـي إن كنـت لمــا تعقلــي
ولقـد أفلــح مــن كـان عقـلْ
يعني من أعطاه الله نور العقل فاز بالمطلوب الأكبر، لأن العقل يعقله عما لا ينبغي، ويميز به بين الحسن والقبيح، والنافع والضار، والحق والباطل.
ويطلق الفلاح في لغة العرب أيضا على البقاء السرمدي الدائم في النعيم، تقول العرب: أفلح فلان إذا كان باقيا في نعيم سرمدي، وهذا معروف في كلام العرب. ومنه قوله لبيد بن ربيعة أيضا في رجزه:
لـو أن حيــا مــدرك الفــلاح
لنالــه ملاعـــب الـرمـــاح
فقوله: مدرك الفلاح؛ أي مدرك البقاء في الدنيا بلا موت. ومنه في هذا المعنى قول كعب بن زهير أو الأضبط بن قريع في الشعر المشهور:
لكـل هـم من الهمـوم ســعة
والمسي والصبح لا فــلاح معــه
يعني أنه لا بقاء في الدنيا مع تخالف الإمساء والإصباح.
وبهذين المعنيين الذين هما البقاء السرمدي في النعيم، والفوز بالمطلوب الأكبر. بكل واحد منهما جاء تفسير حديث الأذان والإقامة، بقوله: حي على الفلاح، فقال بعض العلماء: حي على الفلاح هلم إلى الفوز بالمطلوب الأكبر، وهو الجنة ورضا الله؛ لأن أعظم أسباب ذلك الصلاة.
القول الثاني: حي على الفلاح هلم إلى البقاء السرمدي في جنات النعيم؛ لأن أكبر أسباب ذلك الصلاة كما هو معروف في تفسير حديث الأذان والإقامة، وهذا معنى قوله: فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون هذه عادة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم بعظم التذكير، وشدة النصح، ولطافة الأسلوب، والاجتهاد في هدى قومهم، ولكن الهدى بيد الله، ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا.

line-bottom