الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفاسير سور من القرآن
92463 مشاهدة print word pdf
line-top
فتنة التصوير وأثرها

...............................................................................


وذكر المؤرخون وأصحاب الأخبار أن بين نوح وآدم عشرة قرون كلها كانت على دين الإسلام، وكان في قوم نوح رجال صالحون من أفاضل الناس في العبادة والزهد وطاعة الله، وهم ود ويغوث ونسر ويعوق.
فلما ماتوا صور قومهم صورهم وبنوا عليهم مساجد، وصاروا إذا نظروا إلى صور أولئك الصالحين بكوا بكاء شديدا، ونشطوا في العبادة لما يعلمون من صلاح أولئك القوم، وما كانوا عليه من العبادة. فتطاول بهم الزمان حتى مات أهل العلم وبقي الجهال؛ فجاءهم الشيطان فقال لهم: إنما كانوا يعبدون هؤلاء ويسقون بها؛ فعبدوهم. وذلك أول كفر وقع في الأرض.
وعلم بذلك أن أول كفر وقع في الأرض إنما جاء عن طريق التصوير، فكثير من الناس الذين لا يفهمون يقولون: هؤلاء المنتسبون للعلم يشددون النكير في التصاوير ويحرمون التصوير. والتصوير ليس فيه جناية على مال ولا على نفس، ولا على عرض؛ فأي ذنب عظيم في التصوير؟ وأي بأس فيه؟ ويظنون لجهلهم أن أمره خفيف!!
والتصوير له أثره البالغ في إفساد الدنيا، وإفساد الدين أولا وآخرا. أما أولا - فالتصوير هو سبب أول كفر وقع في الأرض تحت السماء؛ أوله تصوير صور أولئك القوم الصالحين الذين صوروهم بقصد حسن، وكانوا إذا رأوا صورهم بكوا وأنابوا إلى الله، وجدوا في العبادة؛ لما كانوا يعلمون من صلاح أولئك القوم الذين صوروا صورهم.
ثم تطاول بهم الزمان إلى أن كانت تلك الصور أوثانا تعبد من دون الله. ولذا عارضوا نبي الله نوحا في عبادتهم أشد المعارضة وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا فعلم أن التصوير كان أول جناية شركية وقعت في الدنيا، وهذا الأثر السيئ التاريخي يدل على عظم شره -قبحه الله.
وكذلك في الآخر كان من أعظم الأسباب التي ضيعت أخلاق المسلمين، وذهبت بعقولهم ومكارمهم؛ لأن الذين يريدون ضياع الإسلام يسعون كل السعي في أن يصوروا النساء عاريات الفروج، ويطبعون صورها في الصحف والمجلات، ويرسلونها لأقطار الدنيا.
فإذا رأى الشاب الغر المسكين صورة فرج الخبيثة باديا تحركت غريزته، وقامت شهوته، وسافر إلى البلاد التي تمكنه فيها الحرية، وإشباع رغبته الغريزية التي لم يقيدها تقوى، ولم يزمها إيمان ولا ورع ولا مروءة؛ فصار التصوير في الأحوال الراهنة له أيضا أثره البالغ في ضياع الأخلاق وانتشار الرذيلة والقضاء على مكارم الأخلاق -قبحه الله .
ويكفي أن الله جل وعلا له الأسماء الحسنى والصفات العلا، ومن أسمائه العظيمة التي تحتها غرائب وعجائب تفتت الأكباد اسمه الْمُصَوِّرُ جل وعلا؛ فهو جل وعلا من أسمائه الأزلية التي سمى بها نفسه الْمُصَوِّرُ واسمه الْمُصَوِّرُ تحته من غرائب صنعه وعجائب قدرته ما يبهر العقول لمن كان له عقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .
ومما يوضح عظمة هذا الاسم، وما يشير إليه من كمال قدرة الله وعظم علمه وإحاطته بكل شيء -أن ينظر الواحد منكم إلى الحجيج يوم جمرة العقبة، فيجد الناس بهذه الكثرة العظيمة مع اختلاف ألوانهم وأشكالهم وبلادهم وهيئاتهم.
ويجد الجمع مصبوبين صبة واحدة.
فالأنف موضوع في محله، والعينان في محلهما، والأذنان في محلهما، والفم في محله، وكل عضو موضوع في موضعه من الجميع. والله يصور كل واحد منهم صورة مستقلة يطبعه عليها بعلمه وقدرته لا يشاركه...

line-bottom