إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
تفاسير سور من القرآن
65244 مشاهدة
الأمور التي جاء الدين لحفظها

...............................................................................


وقد علمنا من استقراء القرآن والكتاب والسنة أن الله جل وعلا في هذا التشريع الكريم الذي أنزله على هذا النبي الكريم بالغ في المحافظة على هذه الجواهر الست. بالغ على حفظ الدين، كما قال: صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ؛ محافظة على الدين لئلا يغير ويبدل، وقال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ؛ أي حتى لا يبقى شرك بدليل قوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله .
وحافظ على الأنساب؛ فحرم الزنا، واختلاط ماء الرجل بماء الرجل، وتقذير الفرش لتبقى الأنساب مستقيمة واضحة ناصعة، قال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وأوجب جلد الزاني؛ محافظة على أنساب المجتمع الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وفي الآية المنسوخة التلاوة الباقية الحكم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم .
ومن شدة محافظته على الأنساب أوجب العدة على المرأة إذا فارقها زوجها بموت أو طلاق. أوجب عليها التربص زمنا؛ ليعلم أن رحمها صفت من ماء الرجل الأول؛ لئلا يختلط معه بماء رجل آخر في رحم امرأة واحدة وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ الآية.
ومن أجل محافظته على الأنساب منع سقي زرع الرجل بماء غيره، ولذا منع تزويج الحامل؛ فالمرأة إذا مات عنها زوجها أو طلقها وهي حامل لا يجوز أن تتزوج زوجا آخر حتى تضع حملها؛ لأنه إن تزوجها وجامعها سقى ذلك الحمل، وهو زرع لغيره بمائه. فمنع سقي الزرع بماء الغير محافظة على الأنساب؛ فقال: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ .
وحافظ الشرع الكريم على الأعراض، فنهى عن عن انتهاك الأعراض وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ ثم إنه أوجب حد القذف ثمانين جلدة؛ زجرا ومحافظة على أعراض الناس، وهو قوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
ثم جاء في المحافظة على العقول فحرم شرب المسكر يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ وقال صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام ما أسكر كثيره فقليله حرام وأوجب حد شارب الخمر؛ محافظة على العقول وصيانة لها.
وكذلك منع من انتهاك المال، واحترم الملكية الفردية؛ حيث قال: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه وقد بين القرآن في سورة النساء ما يدل على أنه سيأتي قوم في آخر الزمان يتخذون وسيلة إلى ظلم الناس في أموالهم من قولهم: هذا فقير، وهذا غني فنأخذ من الغني لنرده على الفقير كما هو مشاهد في المذاهب الهدامة.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى بأن تقولوا: هذا غني، فنأخذه للفقير، أو نكتم الشهادة عليه للفقير فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا .