قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
تفاسير سور من القرآن
62988 مشاهدة
تفسير قوله تعالى: وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً

...............................................................................


وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً في هذا الحرف قراءتان سبعيتان بصطة بالصاد، و بَسْطَةً بالسين، فقوله: وزادكم في الخلق بصطة بالصاد هي قراءة نافع والكسائي وقراءة ابن كثير في رواية البزي خاصة، وقراءة عاصم في رواية شعبة خاصة، وقراءة ابن عامر في رواية ابن ذكوان خاصة.
أما حمزة فقرأها عنه خلاد بالوجهين: بصطة بالصاد، بَسْطَةً بالسين، فقد قرأها خلاد عن حمزة بالوجهين، وقرأها نافع وأبو عمرو والبزي عن ابن كثير وشعبة عن عاصم وابن ذكوان عن ابن عامر كل هؤلاء قرأوا بصطة بالصاد.
وقرأها الباقون بالسين، والباقون الذين قرأوها بالسين هم أبو عمرو وعاصم في رواية حفص وابن عامر في رواية هشام وابن كثير في رواية قنبل وحمزة في رواية خلف كل هؤلاء قرأوا بَسْطَةً .
وما ذكره الشاطبي وغيره من أن ابن ذكوان له عن ابن عامر فيها السين والصاد كقراءة خلاد عن حمزة ليس يصح عند المحققين؛ لأن جميع روايات الشاطبي إنما هي من طريق أبي عمرو الداني وأبو عمرو الداني لم يذكر عن أحد ممن ذكر عموم القراءات عن ابن ذكوان في قراءة ابن عامر إلا بصطة بالصاد خاصة، ولم يرو عنه السين عن أحد. فهذان هما القراءتان السبعيتان.
والبصطة والبسطة معناهما واحد، وإنما أبدلت السين صادا في قراءة من قرأ بصطة بالصاد، نظرا إلى حرف الإطباق الذي بعد السين وهو الطاء؛ ولذلك تبدل السين صادا كثيرا إذا كان بعدها حرف من حروف الإطباق. والأصل بَسْطَةً بالسين، والبسط أصله الزيادة.
والمعنى زادكم في خلق أجسامكم بَسْطَةً ؛ أي زيادة على خلق الناس في الطول وعظم الأبدان وقوتها وبدانتها، كما يأتي في سورة فصلت قول بعض العلماء: أنهم قبحهم الله زعموا أنه لا يمكن أن تقهرهم قوة، ولو قوة الله عز وجل قبحهم الله كما يأتي قول من قال بذلك في قوله: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً من هو الذي يكون أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً حتى يقهرنا.
ثم إن الله بين أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة. ولما أرسل عليهم الريح العقيم علموا أنهم ضعاف غاية الضعف إذا جاءتهم قوة رب العالمين التي يهلكهم بها، ويسلطها عليهم، وهذا معنى قوله: وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً .