إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
93386 مشاهدة
الشهادة بالنار لا تجوز إلا لمن ورد فيه النص

وكذلك أيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فهذه أيضًا شهادة لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر ، وأهل بيعة الرضوان ألف وأربعمائة وزيادة ، كل هؤلاء زكاهم الله تعالى، وزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم.
وهناك أيضًا التزكية العامة في قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة:100) فهذه الآية دخل فيها ثلاثة أقسام من الصحابة: المهاجرون، والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم واتبعوهم بإحسان - دخلوا في هذا الوعد، والله تعالى لا يخلف وعده ، هذا فيما يتعلق بالشهادة بالجنّة لمن شهد له الله أو شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أما الشهادة بالنار لمعين؛ فلا تجوز أيضًا إلا لمن ورد فيه النص، فقد ورد النص مثلاً في أبي لهب سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (المسد:3) وكذلك في أبي جهل لما قتل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوبخه هو ومن معه ويقول: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقَّا وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في أبي طالب أنه في ضحضاح من نار والحاصل أن من ورد النص بأنه من أهل النار يُشهد له بذلك.
وأما الذين معهم معاص وذنوب ، ولكن تلك الذنوب لا تصل إلى حد الكفر ، فإننا لا نكفرهم بهذه الذنوب - كما تقدم - ولا نخرجهم من الإسلام بذنوبهم، بل نخاف على المذنب - ونقول: هؤلاء يخاف عليهم من الذنوب- ولو كانت من الصغائر، ونرجو للمحسنين - ولو كان معهم سيئات، ونخاف على المذنبين - ولو كان لهم حسنات, وخوفنا ورجاؤنا لا نحققه؛ فلا نجزم بأن هذا من أهل النار لأنه عمل هذه السيئات، ولا نجزم بأن هذا من أهل الجنّة لأنه عمل هذه الصالحات، بل الحسنات والسيئات من أسباب دخول الجنّة أو دخول النار.