شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
تفاسير سور من القرآن
73986 مشاهدة
حكم من حرَّم الحلال

...............................................................................


وَكُلُوا وَاشْرَبُوا نزل قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا في بعض العرب. قال بعض العرب: كان بنو عامر بن صعصعة إذا أحرموا بالحج لا يأكلون الودك، ولا يشربون من ألبان الغنم، ولا مما خرج من لحومها، فحرموا على أنفسهم بعض الطيبات من الدسم، كالودك بعضهم يحرم شرب اللبن، واللحم.
كذا أمروا أيضا ألا يحرموا هذه الطيبات التي أحل الله، كما قال لهم: البسوا الثياب ولا تتجردوا في الإحرام، فكذلك كلوا طيبات الرزق، ولا تحرموها على أنفسكم؛ أي وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى ولو كان من الودك، ولو كان من اللبن، مما يحرمه الجاهلية.
لأن الجاهلية كانوا في الموسم بعضهم يحرم على نفسه الدسم، وبعضهم يحرم شرب اللبن واللحوم، يزعمون أن هذا أتم لحجهم، وأنه أرضى لله؛ فقال الله فيهم: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ولا تحرموا شيئا من طيبات الله؛ لأن ذلك تشريع الشيطان ككشف العورات.
وهذا يدل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يحرم شيئا حلله الله، كما قدمنا في سورة المائدة في قوله: لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا وعليه فليس للإنسان أن يقول: هذا الطعام، أو هذا الشراب حرام علي، فإن حرم على نفسه حلالا كطعام أو شراب، فإنه لا يحرم عليه.
وبعض العلماء يقول: تلزمه في تحريم الحلال كفارة يمين، ومالك وأصحابه قالوا: إن لم يكن الذي حرمه حلالا غير الزوجة والأمة لا تلزمه يمين، ولا يلزمه شيء؛ فحجة من قال: إنه تلزمه يمين أن الله لما قال لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا صلوات الله وسلامه عليه: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وأصح الروايات أنه العسل، وإن جاء في روايات أخرى أنه جاريته، قال الله له بعد تحريم هذا الحلال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فعلم أن في تحريم الحلال كفارة يمين؛ لأن تحلة اليمين هي كفارته، وذلك يدل على أن فيه كفارة يمين، خلافا لمالك وأصحابه.