تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ
...............................................................................
ثم إن نبي الله هودا اسم> قال هنا لقومه ما لم يقله نوح اسم> لقومه وهو قوله: رسم> وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ قرآن> رسم> رسم> وَاذْكُرُوا قرآن> رسم> نعم الله عليكم رسم> إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ قرآن> رسم> في الأرض؛ يعني بأن أهلك قوم نوح واستخلفكم في الأرض، فجعلكم خلفاء في الأرض آمنين فيها، عليكم نعم الله مسبلة.
والخلفاء جمع خليفة، وهو من يستخلف بعد من كان قبله. قال بعض العلماء: إنما قيل لهم خلفاء؛ لأنهم صاروا خلفا من قوم نوح؛ حيث أهلك الله أولئك وأسكن هؤلاء في الأرض بعدهم فكانوا خلفا من بعدهم، وخلفاء من بعدهم. وقال بعضهم: إنهم خلفاء؛ أي فيهم ملوك، والعرب تسمي الخليفة الذي يكون ملكا بعد من قبله خليفة.
ولفظه مؤنث ومعناه مذكر؛ فيجوز تذكير الضمائر الراجعة عليه نظرا إلى المعنى، ويجوز تأنيثها؛ كما قال الشاعر:
أبـوك خليفــة ولدتـه أخــرى | وأنـت خليـفــة ذاك الكمـــال |
يزعم أصحاب القصص والأخبار أنهم كان عددهم كثيرا جدا، وأنهم منتشرون فيما بين حضرموت اسم> إلى عمان اسم> وأنهم كانوا يظلمون غيرهم، ويقهرونهم لما أعطاهم الله من القوة، ولكن الله بين أن منازلهم كانت بالأحقاف؛ حيث قال في سورة الأحقاف رسم> وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ قرآن> رسم> .
وقد بينا أن الأحقاف جمع حقف، والحقف في لغة العرب الحبل من الرمل، الرمل المرتفع تسميه العرب حقفا، فالأحقاف الرمال، والمفسرون يقولون: إنها رمال في جوانب اليمن اسم> ؛ أعني في جوانب اليمن اسم> وحضرموت اسم> وأنهم كانوا في تلك الرمال بينها أودية يزرعون فيها ويعيشون.
وسيأتي في سورة الفجر قول من قال من العلماء: أنهم كانوا رحلا يذهبون بالمواشي، لأنه أحد القولين في قوله: رسم> إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ قرآن> رسم> لأن أحد القولين في معنى رسم> ذَاتِ الْعِمَاد قرآن> رسم> أنهم أصحاب عمود يرتحلون ويبنون خيمهم على العمد؛ ولذا قيل لهم: رسم> ذَاتِ الْعِمَاد قرآن> رسم> على أحد الوجهين.
والوجه الثاني: أنهم لقوة أجسامهم وعظمها وطولها وبدانتها قيل فيهم: رسم> ذَاتِ الْعِمَاد قرآن> رسم> لشدة اعتماد أجسامهم وقوتها كما يأتي هناك. وهذا معنى قوله: رسم> وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ قرآن> رسم> ؛ أي في الأرض في عافية وطمأنينة ورفاهية من الدنيا.
رسم> مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ قرآن> رسم> والآية تشير إلى تهديد؛ يعني كما أن قوم نوح لما كذبوا نوحا اسم> دمرهم الله وأهلكهم وجعلكم خلفاء في الأرض من بعدهم، فاحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم، ليلا يهلككم، ويجعل خلفاء الأرض بعدكم غيركم. فيه تهديد وتذكير بالنعمة، وهذا معنى قوله: رسم> وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ قرآن> رسم> في الأرض.
وبعض علماء العربية يقولون: رسم> إِذْ قرآن> رسم> هاهنا مفعول به لا مفعول فيه؛ أعني أنها مفعولا وليست ظرفا، والمعنى رسم> وَاذْكُرُوا قرآن> رسم> ؛ أي تذكروا الوقت الذي جعلكم فيه رسم> خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ قرآن> رسم> تذكرا يحملكم على شكر نعمة الله والخوف من نقمه أن ينزل بكم مثل ما أنزل بقوم نوح. وهذا معنى قوله: رسم> إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ قرآن> رسم> الذين أهلكهم الطوفان إهلاكا مستأصلا.
مسألة>