تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله: وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ
...............................................................................
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يقول الله جل وعلا: رسم> وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> واذكر يا نبي الله خصائص هؤلاء اليهود العريقة في أسلافهم؛ ليعلم بذلك أن تكذيبهم لك وإنكارهم لما عندهم من صفاتك -أنه أمر أصله فيهم وفي أسلافهم.
واذكر رسم> إِذْ قِيلَ لَهُمُ قرآن> رسم> حين قال لهم الله على ألسنة أنبيائه: رسم> اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ قرآن> رسم> قوله: رسم> اسْكُنُوا قرآن> رسم> أمر من السكنى لا من السكون الذي هو ضد الحركة؛ لأن الأمر بالسكون الذي هو ضد الحركة سجن وحبس؛ فهو أمر بالسكنى وأن يتخذ ذلك البلد مسكنا.
وكون البلد مسكنا له لا ينافي أن يتجول في أنحائه ويتنعم فيها؛ كما قاله ما بعد الأمر في قوله: رسم> اسْكُنُوا قرآن> رسم> رسم> وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ قرآن> رسم> هذا معنى قوله: رسم> وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ قرآن> رسم> .
أكثر المفسرين على أن هذه القرية هي بيت المقدس اسم> وبعض المفسرين يقول: هي أريحا اسم> وبعضهم يقول غير ذلك؛ فهي قرية في فلسطين اسم> من قرى الشام اسم> ؛ لأن الشام اسم> كان يطلق أولا على ما يضم دمشق اسم> وفلسطين اسم> والأردن اسم> وغير ذلك من نواح. وهذا معنى قوله: رسم> وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ قرآن> رسم> .
القرية هي المحل الذي يجتمع فيه السكان، من قريت الماء في الحوض إذا جمعته. رسم> وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا قرآن> رسم> ؛ أي كُلُوا من ثمارها وحبوبها وزروعها حَيْثُ شِئْتُمْ ؛ لأنهم كانوا في التيه يتمنون الأكل من ذلك كما قدمنا في سورة البقرة في الكلام على قوله رسم> فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قرآن> رسم> وقد قال لهم: رسم> اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ قرآن> رسم> .
ولما أمروا بدخول هذه القرية وبسكناها أمروا بالأكل من ذلك أمر إباحة وتكريم رسم> وَكُلُوا مِنْهَا قرآن> رسم> ؛ أي من ثمارها وحبوبها وزروعها وغير ذلك.
وقوله رسم> حَيْثُ شِئْتُمْ قرآن> رسم> أصل حيث في لغة العرب كلمة تدل على المكان كما تدل حين على الزمان ربما ضمنت معنى الشرط.
يجوزفي العربية لا في القراءة تثليث فائها وإبدال يائها واوا كما هو معروف في علم العربية.
قوله: رسم> شِئْتُمْ قرآن> رسم> ؛ أي من أي مكان من هذه القرية أردتم أن تأكلوا من ثمارها وحبوبها؛ وهذا معنى قوله: رسم> وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ قرآن> رسم> وهذا الأكل رغدا بدليل ما تقدم في سورة البقرة: رسم> فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا قرآن> رسم> .
وقوله رسم> وَقُولُوا حِطَّةٌ قرآن> رسم> لما كان في التيه مات نبي الله هارون اسم> أولا، ثم مات موسى اسم> في التيه كما أطلق عليه المؤرخون. ثم إن خليفة موسى اسم> كان يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف اسم> هو الذي فتح الله عليه هذه القرية قرية الجبارين بيت المقدس اسم> أو أريحا اسم> وقيل غير ذلك.
لما فتح الله عليهم أمرهم أن يشكروا لله نعمته التي أنعمها عليهم؛ فأمرهم بقول وأمرهم بفعل.
أما الفعل فقد أمرهم بأن يدخلوا الْبَابَ سُجَّدًا ؛ أى يدخلوا من باب القرية التي فتحها الله لهم سُجَّدًا. قال بعض العلماء المراد بالسجود هنا الركوع تواضعا وانحناء وتعظيما لله وشكرا له على نعمة الفتح. وقال بعض العلماء هو السجود على الجبهة يسجدون.
ثم إنهم أمروا أيضا بقول وهو أن يدخلوا الباب وهم يقولون: رسم> حِطَّةٌ قرآن> رسم> وأكثر المفسرين وهو ظاهر القرآن والأحاديث الصحيحة أنهم تعبدوا بهذه اللفظة: رسم> حِطَّةٌ قرآن> رسم> حِطَّةٌ وقراءة الجمهور التي لا يجوز العدول عنها حِطَّةٌ بالرفع وهي خبر مبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة.
والحطة فعلة من الحط الذي هو الوضع والمعنى مسألتنا لربنا هي حِطَّةٌ لذنوبنا وأوزارنا؛ معناه مسألتنا لك أن تحط عنا ذنوبنا وأوزارنا. هي كلمة استغفار تؤذن بحط الذنوب ووضع الأوزار وهو خبر مبتدأ محذوف فعلة من الحط بمعنى الوضع هذا معناه. وقال بعض العلماء الحطة الكلمة التي تحط الذنوب وهي لا إله إلا الله والقول الأول أظهر.
وقد ثبت في صحيح البخاري اسم> وغيره من حديث أبي هريرة اسم> رضي الله عنه؛ أنهم أمروا بقول وأمروا بفعل. وأمرهم بالقول والفعل كلاهما مذكور في القرآن؛ لأن الله أمرهم بأن يدخلوا الْبَابَ سُجَّدًا وهو الفعل الذي أمروا به وأمرهم أن يقولوا حِطَّةٌ وهو القول الذي أمروا به، ففي حديث أبي هريرة اسم> عند البخاري اسم> وغيره؛ أنهم بدلوا القول الذي قيل لهم بقول غيره، وبدلوا الفعل الذي قيل لهم بفعل غيره؛ ولذا قال تعالى: رسم> فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ قرآن> رسم> .
قال بعض العلماء في الكلام حذفان؛ أي فبدل الذين ظلموا بالقول الذي قيل لهم قولا غير الذي قيل لهم وبالفعل الذي قيل لهم فعلا غير الذي قيل لهم. فالفعل الذي قيل لهم هو دخولهم الباب سجدا؛ بدلوه فدخلوا يزحفون على أستاههم؛ كما ثبت في حديث البخاري اسم> المذكور. وبدلوا القول الذي قيل لهم فقالوا مكان حِطَّةٌ رسم> حبة في شعرة متن_ح> رسم> وفي بعض روايات الحديث في غير البخاري اسم> رسم> حنطة في شعرة متن_ح> رسم> ؛ فبدلوا القول وبدلوا الفعل. وقابلوا نعم الله بالكفران والمعصية في الأقوال والأفعال عياذا بالله، وهذا معنى قوله: رسم> وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا قرآن> رسم> .
مسألة>