إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
تفاسير سور من القرآن
92586 مشاهدة print word pdf
line-top
سبب نزول قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ

...............................................................................


وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ أجمع كافة العلماء أن هذه الآية الكريمة من سورة براءة نزلت لما استنفر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى غزو الروم وفي غزوة تبوك.
كان ذلك في ساعة العسرة، كما يأتي منصوصا في هذه السورة الكريمة، وكان وقت شدة الحر، والأرض في غاية الجدب، وكان في المدينة النخيل حين .. ثمرته، وطابت الظلال والمياه الباردة، فركنوا إلى الدعة وإلى نعيم الدنيا في الظل والثمار والمياه والظلال الباردة.
فركنوا إلى هذا لأن العدو قوي وكثير العدد جدا، والشقة بعيدة والزمان حار، ولذا من تكاسلوا منهم وبخهم الله هذا التوبيخ العظيم في هذه الآية الكريمة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ ؛ أي شيء ثبت لكم يقتضي نكولكم عن الغزو، واختياركم للدعة والراحة على مرضاة الله وإعلاء كلمة الله؟
مَا لَكُمْ أي شيء ثبت لكم؟ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا ؛ أي إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ انفروا معنا، تهيأوا خارجين متحركين للحرب؛ حرب الروم في سبيل الله؛ لأن القتال والجهاد في سَبِيلِ اللَّهِ هو أعظم أنواع سَبِيلِ اللَّهِ جل وعلا.

line-bottom