عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
تفسير سورة الكهف
38644 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير سورة الكهف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اختير في هذا الوقت ذِكْرُ أو قراءة تفسير هذه السورة التي سمعنا في هذه الصلاة، وهي: سورة الكهف أن نقرأ من تفسيرها ما نعمر به هذه الأوقات.
وقد ورد في فضل هذه السورة فضائل وأحاديث كثيرة؛ منها ما هو صحيح، ومنها ما فيه ضعف، فورد في فضل قراءة عشر آيات من أولها أن ذلك نجاة من الدجال، أو من الفتن، أو أن ذلك نجاة من العذاب؛ من أولها عشر، ومن آخرها كذلك.
وكذلك ورد في فضل قراءتها في يوم الجمعة حديث مشهور- ولو كان فيه مقال- وأن من قرأها كان له، أو سطع له نور إلى السماء، ولا شك أن هذا دليل على فضل قراءتها، وعلى فضل تعلمها، وقد اشتهر أن هذه السورة اختصت بخصائص لم توجد في غيرها من السور.
ذكر الله تعالى فيها أربع قصص ما وجدت في غيرها:
الأولى: قصة أصحاب الكهف.
والثانية: قصة صاحب الجنتين مع صاحبه.
والثالثة: قصة موسى مع الخضر
والرابعة: قصة ذي القرنين
وذُكِرَ في سبب نزول القصتين؛ الأولى والأخيرة: أن قريشا لما اشتهر أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وادعى عندهم أنه نبي تحيروا في أمره، فقالوا: نحب أن نسأل أهل الكتاب عن أمره؛ هل هو صادق، أم لا؟ فأرسلوا رسلاً إلى أهل المدينة إلى من بالمدينة من أهل الكتاب من اليهود، وقالوا: سلوهم عن محمد أهو صادق أم غير صادق؟ فجاءوا إليهم فعند ذلك سألوهم عن شأنه، وأنه يدعي أنه نبي، وأنه يوحى إليه؛ فعند ذلك قال لهم اليهود: سلوه عن ثلاث مسائل: سلوه عن فرقة في قديم الزمان، أو طائفة خرجوا من بلادهم؛ فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف طاف بالمشرق والمغرب، وسلوه عن الروح، ثم لما جاء ذلك الوفد، وأخبروا قومهم قالوا: إن هذا هو الفاصل بيننا وبين محمد وبه نعرف أنه صادق أو كاذب؛ لأن اليهود قالوا لهم: إن أخبركم بذلك فهو نبي، وإن لم يخبركم فهو رجل متقول، فلما جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وألقوا عليه هذه الأسئلة.
قال: سأخبركم عنهن غدا، ولم يقل: إن شاء الله؛ فتأخر عنه الوحي لمدة خمسة عشر يوما بشأن هذه المسائل، فقال المشركون: وَعَدَنَا محمد أن يخبرنا غدا، واليوم قد مضى خمسة عشر يوما، فما هو إلا رجل مُتَقَوِّل.
نزل بعد ذلك أول هذه السورة وآخرها، ونزلت آية في سورة الإسراء، فنزلت قصة أصحاب الكهف، وقصة ذي القرنين فأصحاب الكهف هم الفئة أو الطائفة الذين خرجوا من بلادهم، وكان لهم حديث عجيب، وذو القرنين أيضا: كان له حديث عجيب.
والسؤال الثاني عن الروح، نزل قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فكان في هذا جواب لتلك المسائل، ولكن لما لم يُجِبْهُمْ في حِينِهِ لم يتقبلوا منه. قد عاتبه الله تعالى على وَعْدِهِ لهم بدون استثناء، فقال تعالى في هذه السورة: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وهذا تعليم للأمة؛ أن كل من وعد وعدا مستقبلا فعليه تعليق هذا بمشيئة الله، فلا تقل: سوف آتيك غدا، أو سوف أفعل، أو أكتسب بعد غد، أو في هذا اليوم، أو في الأيام التي بعده إلا بعد أن تعلق ذلك بمشيئة الله، فتقول: إن شاء الله آتيك بكذا، إن شاء الله أعطيك كذا، وكذا، إن شاء الله سوف أذهب إلى كذا، وكذا، أو تقول: لا أفعل كذا إلا أن يشاء الله، وما أشبه ذلك؛ فإن الأمور كلها متعلقة بمشيئة الله ؛ ما شاءه كان، وما لم يشأه لم يكن. نحب أن نقتصر على ذكر القصص الأربع. أي: في كل يوم من هذه الأيام نذكر قصة من هذه القصص؛ التي اشتملت عليها هذه السورة.
في هذا اليوم قصة أصحاب الكهف، وفي اليوم الذي بعده قصة صاحب الجنتين، وفي اليوم الذي بعده قصة موسى مع الخضر وفي اليوم الذي بعده قصة ذي القرنين ونذكر ما فيها من العبر على وجه الاختصار؛ لئلا يطول بنا المقام.
ومن أراد أن يتزود يرجع إلى كتب التفسير، وأحسنها كتاب تفسير ابن كثير وقد أكثر المفسرون من ذكر هذه القصص؛ في ذكرها من الإسرائيليات، والنقول الطويلة التي العمدة فيها كتب بني إسرائيل والتي يكثر، أو يغلب عليها أنها محرفة. فسرد القصة ابن جرير مطولة، وسردها أيضا البغوي وكذلك هناك من سرد قصص القرآن كالثعلبي في كتابه الذي سماه: (عرائس المجالس في قصص الأنبياء)، وكذلك قد يذكرها بعض المؤلفين؛ استطرادا. كما ذكرها صاحب حياة الحيوان الدميري لما تكلم على الكلب، بمناسبة قوله: وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ وحيث إن أغلب تلك القصص ليس لها إسناد إلا راجع إلى الكتب القديمة من كتب بني إسرائيل ؛ فإننا نقتصر على ذكر ما يؤخذ من هذه القصة، وأما سردها فإنه واضح في القرآن.

line-bottom