لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح كتاب الآجرومية
111930 مشاهدة
حروف العطف

...............................................................................


يقول: إن حروف العطف عشرة. يعني استوفى الحروف المشهورة التي يعطف بها. وأكثرها استعمالا الواو؛ فإن العطف بها هو المشتهر الكثير. ولهذا يكثر ذكر العطف بها في القرآن. فتعطف بها مرفوعا على مرفوع؛ مثل قوله تعالى: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ يعني داود مرفوع وسليمان مرفوع. وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ كلها مرفوعة معطوف بعضها على بعض بالواو.
وكذلك أيضا قد تعطف على منصوب مثل قوله تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ لما كان الأول منصوبًا كانت كل البقية منصوبة تابعة للمنصوب. وكذلك قوله تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ هذه مجرورة؛ ولكن الأسماء التي لا تنصرف جرها بالفتحة ولهذا عطف والأسباط وعيسى وأيوب ويونس.
الحاصل أن العطف على المجرور تكون المعطوفات بعدها كلها مجرورة. وكذلك العطف على المنصوب. فالواو هذه أم الباب. وقد اختلف النحويين هل المعطوف بالواو يقتضي الترتيب، أو لا يقتضي الترتيب وأكثرهم على أن الواو لا تقتضي الترتيب، بل الواو لمطلق الجمع. فإذا قلت مثلا: جاء خالد وإبراهيم وسعيد؛ فلا يلزم أن يكون الذي ذكرته هو أول من جاء، وإنما أثبت أنهم كلهم جاءوا، ولم تذكر الأول والثاني والثالث فى المجيء؛ إنما هي لمطلق الجمع. وقالوا: من الأدلة على أنها لا تقتضي الترتيب ذكر الأنبياء في سورة الأنعام في قوله: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا لم يذكر الله تعالى الترتيب؛ لا ترتيبا في الزمان، ولا ترتيبا في الرتبة والفضل. عطف بعضهم على بعض لمطلق الجمع. فالحاصل.. أنه إذا عطف اسم على اسم فإنها كلها تتبعه أي تتبع الأول في إعرابه.
فاستحضر إذا قرأت الاسم الأول؛ إذا قرأته استحضر إعرابه، وحاذر أن تعطف عليه ما يغيره في الإعراب. فإذا قرأت مثلا: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ لما كان الأول مجرورا تبعته بقية المعطوفات في الجر. أما قوله: جِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ؛ فإنها لا تنصرف وإلا فمحلها الجر. يخطئ يعني يخطئ الكثير في عدم الانتباه للاسم الأول، فلا يبالون برفع المعطوف على المجرور، أو نصب المرفوع مع أنه معطوف، رفع الاسم المعطوف على مجرور أو على منصوب. وذلك من عدم الانتباه. القارئ عليه أن ينتبه للاسم الأول، ثم يعطف عليه ما بعده؛ ويجعلها على وتيرة واحدة وإعراب واحد؛ حتى لا يقع في هذا الاختلاف، ولا يقع في اللحن؛ هذا العطف بالواو.