تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
140293 مشاهدة print word pdf
line-top
الشمس والقمر

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال رحمه الله تعالى:
ذكر عظمة الله عز وجل، وعجائب لطفه وحكمته في الشمس والقمر.
قال: أخبرنا الشيخ الإمام الفقيه أبو الحسن عباد بن سرحان بن مسلم المعافري قال: أخبرنا الشيخ الرئيس الزكي الحضرة أبو الرجاء إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد الحداد إجازة إن لم يكن سماعا. قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فاذويه قراءة عليه وأنا حاضر أسمع في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان رحمه الله تعالى. قال: حدثنا العباس بن علي قال: وحدثنا عبد الله بن أحمد الجصاص ببغداد قال: حدثنا يزيد بن عمرو عن البراء الغنوي قال: حدثنا معقل بن مالك قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن عبيد الله بن أنس قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن ثلاث خصال: عن الشمس والقمر والنجوم. فقال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهن خلقن من نور العرش.
قال: حدثنا ابن أبي عاصم قال: حدثنا هدبة قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا قال: قفاه مما يلي الأرض ، ووجهه مما يلي السماء.
قال: حدثنا الحذاء قال: حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة قال: وحدثنا إبراهيم بن متويه قال: حدثنا الفضل بن الصباح قال: حدثنا أبو عبيدة عن همام عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: إن الشمس والقمر وجوههما إلى السماء، وقفاهما إلى الأرض؛ يضيئان من في السماء كما يضيئان من في الأرض.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا عبيد بن آدم أن أباه حدثه عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد رحمه الله تعالى وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ؛ قال: يتلألأ.
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا الحسين بن علي قال: قرأ عليَّ عامر عن أسباط عن السدي رحمه الله تعالى وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ؛ جعل ضوء القمر فيهن جميعا كضوئه في السماء الدنيا. والنور الضوء وجعل الشمس فيهن سراجا.
قال: إسحاق بن أحمد الفارسي قال: حدثنا عبد الله بن عمران قال: حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن جابر عن عطاء -رحمه الله تعالى- وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ؛ قال: يضيء لأهل السماء كما يضيء لأهل الأرض.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا عمرو بن سعيد قال: حدثنا إسحاق -يعني- ابن راهويه قال: حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن معمر عن قتادة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ؛ قال: وجهه يضيء السماوات وظهره يضيء الأرض.
قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحذاء قال: حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا أشعث عن الحسن رحمه الله مثله.
قال: حدثنا إبراهيم بن متويه قال: حدثنا الحسن بن علي بن عياش قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة رحمه الله تعالى؛ قال: الشمس طولها ثمانون فرسخا في عرض ثمانين فرسخا.
قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله العبدي قال: حدثنا عبد الله بن سليمان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن رجلا قال له: كم طول الشمس والقمر؟ وكم عرضهما؟ قال: تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ، وطول الكواكب اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سلمة قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدثني أبي عن عكرمة -رحمه الله تعالى- قال: الشمس على قدر الدنيا وزيادة ثلاثا، والقمر على قدر الدنيا.
قال: حدثنا الوليد بن أبان عن أبي حاتم قال: حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كعب -رحمه الله تعالى- قال: خلق الله تبارك وتعالى القمر من نور؛ ألا ترى أنه قال: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ؟ وخلق الشمس من نار؛ ألا ترى أنه قال: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ؟ والسراج لا يكون إلا من النار.
قال: حدثنا الوليد عن أبي حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية -رحمه الله تعالى-؛ أنه بلغنا أن النيران أربع: فنار تأكل وتشرب، ونار لا تأكل ولا تشرب، ونار تأكل ولا تشرب، ونار تشرب ولا تأكل. فالنار التي تشرب وتأكل فنار جهنم، والنار التي لا تأكل ولا تشرب فنار الدنيا، والنار التي تأكل ولا تشرب فالنار التي خلقت منها الملائكة، والنار التي تشرب ولا تأكل فالنار التي خلقت منها الشمس. ومنها خلقت الشياطين.
قال جدي رحمه الله تعالى: قال: حدثنا أبو عثمان قال: حدثنا الحسن بن علي العسقلاني قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب -رحمه الله تعالى- قال: الشمس جزء من ثلاثة آلاف جزء من نور تحت العرش.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال: حدثنا سلمة قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدثني أبي عن عكرمة -رحمه الله تعالى- قال: سعة الشمس سعة الأرض وزيادة ثلاثا، وسعة القمر سعة الأرض مرة.
وقال عكرمة -رحمه الله تعالى- إن الشمس إذا غربت دخلت بحرا تحت العرش فتسبح الله عز وجل. حتى إذا هي أصبحت استعفت ربها من الخروج ؛ فقال لها الرب جل جلاله: ولم ذلك ؟ والرب أعلم. قالت: إني إذا خرجت عبدت من دونك. فقال لها الرب تبارك وتعالى: اخرجي فليس عليك من ذلك شيء؛ حسبهم جهنم أبعثها عليهم مع ثلاثة عشر ألف ملك يقودونها حتى يدخلوهم فيها.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في قوله عز وجل: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا قال: إن الشمس تطلع فيردها بنو آدم؛ يعني ذنوب بني آدم . فإذا غربت سلمت وسجدت فاستأذنت؛ فيؤذن لها. حتى إذا غربت سلمت وسجدت فلا يؤذن لها؛ فتقول: إن المسير بعيد، وإنه إن لم يؤذن لي لا أبلغ؛ فتحبس ما شاء الله أن تحبس. ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت.
قال معمر -رحمه الله تعالى- وبلغني عن ابن المسيب قال: ما تطلع حتى ينخسها ثلاثمائة وستون ملكا كراهة أن تعبد.
قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا إسحاق بن أبي حمزة قال: حدثنا حماد بن محمد السلمي قال: حدثنا أبو عصمة عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب -رحمه الله تعالى- قال: لا تطلع الشمس يوما حتى ينخسها ثلاثمائة وستون ملكا كراهية أن تعبد من دون الله تعالى.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء فلكها. فإذا غربت جرت في الليل في فلكها تحت الأرض؛ حتى تطلع من مشرقها. قال: وكذلك القمر.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال : حدثني يحيى بن أيوب عن هشام بن حسان عن الحسن بن أبي الحسن -رحمه الله تعالى- أنه قال: إذا غربت الشمس دارت في فلك السماء مما يلي دبر القبلة؛ حتى ترجع إلى المشرق الذي تطلع منه. وتجري في السماء من شرقها إلى غربها. ثم ترجع إلى الأفق مما يلي دبر القبلة إلى شرقها. كذلك هي مسخرة في فلكها وكذلك القمر.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: محمود بن خالد قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن حسان بن عطية -رحمه الله تعالى- قال: الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء، والأرض تدور.
قال: حدثني الوليد قال: قرأت على أبي حاتم قلت: حدثكم محمد بن عمران قال: حدثني أبي, قال: حدثني ابن أبي ليلى عن إسماعيل بن رجاء عن سعد بن إياس هو أبو عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال ذات يوم لجلسائه: أفرأيتم قول الله عز وجل: تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ما يعني بها ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها إذا غربت سجدت له وسبحته وعظمته، ثم كانت تحت العرش.
فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته فيأذن لها. فإذا كان اليوم الذي تحبس فيه سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته؛ فيقال لها: اثبتي. فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته ثم استأذنته؛ فيقال لها: اثبتي. قال: فتحبس مقدار ليلتين. قال: ويفزع لها المتهجدون. قال: وينادي الرجل تلك الليلة جاره فلانا: ما شأننا الليلة؟ لقد نمت حتى شبعت، وصليت حتى أعييت. ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت. وذلك قوله عز وجل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا .
قال: حدثنا الوليد بن أبان عن أبي حاتم قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني معاوية عن أبي الزاهرية عن يزيد بن شريح عن كعب -رحمه الله تعالى- قال: إذا أراد الله عز وجل أن تطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب فجعل مشرقها مغربها, ومغربها مشرقها.
قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال: حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: حدثنا عفير بن معدان اليحصبي عن سليم بن عامر الخبائري عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكل بالشمس سبعة أملاك يرمونها بالثلج . ولولا ذلك ما أصابت شيئا إلا أحرقته .
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا عبد المؤمن بن علي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لو أن الشمس تجري مجرى واحدا ما انتفع أحد من أهل الأرض بشيء منها، ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء. فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر. ولو أنها طلعت مطلعها في الصيف في الشتاء لقطعهم البرد.
قال: حدثنا الوليد قال: قرأت على يحيى بن عبدك قلت: حدثكم محمد بن سعيد بن سابق قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن عاصم عن زر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: تطلع الشمس بين قرني شيطان، أو في قرني شيطان من جهنم. فما ترتفع في السماء في فيحة إلا فتح لها باب من أبواب جهنم. حتى إذا كانت الظهيرة؛ فتحت لها أبواب جهنم جميعا. فكان ابن مسعود رضي الله عنه ينهانا أن نصلي حين تطلع الشمس حتى تبيض وحين ينتصف النهار.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن ليث قال: حدثنا أحمد بن الصباح قال: حدثنا علي بن حفص المدائني قال: حدثنا حبان بن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي -رحمه الله تعالى- قال: إن الشمس إذا طلعت هتف معها ملكان موكلان بها يجريان معها مهما جرت؛ حتى إذا وقعت في قطبها. قيل لـ علي وما قطبها؟ قال: حذاء بطنان العرش. فتخر ساجدة؛ حتى يقال لها: امضي بقدرة الله تعالى. فإذا طلعت أضاء؛ وجهها السبع سماوات، وقفاها لأهل الأرض.
قال: وفي السماء ستون وثلاثمائة برج؛ كل برج منها أعظم من جزيرة العرب. للشمس في كل برج منها منزل تنزله. حتى إذا وقعت في قطبها قام ملك بالمشرق في مدينة يقال لها: بلسان وقام ملك بالمغرب في مدينة يقال لها: سبان فقال المشرقي: اللهم أعط منفقا خلفا، وقال المغربي: اللهم أعط ممسكا تلفا. فإذا غشيت العتمة وذهب من الليل؛ تحجرا في حجرات السماء، ثم ناديا: هل من مستغفر يغفر له؟ هل من تائب يتاب عليه؟ هل من راغب يرد بحاجته؟ هل من مظلوم ينتصر؟
ثم يقولان: إن ربنا لغفور شكور. حتى إذا كانا من السحر اطلعا إلى الأرض فقالا : سبحت ذا العلا ، ترى ما في قعر الماء . فيقول ملك تحت الأرض السفلى يقال له الدرابيل سبحانك حيث أنت. فيقولان: يسبح له الرعد والبرق والظل والحصى والثرى، وما وضع في الأرحام، وما لم يوضع، وما تحت التخوم السفلى. وما يعلمون وما لا يعلمون. قيل لـ علي ما التخوم السفلى؟ قال: الأرض السفلى. قيل لـ علي وما لا يعلمون؟ قال: ما هو مستودع في أصلبة الرجال.


في هذه الآثار؛ فيها آثار تخيلية، وليست حقيقية , ومنها آثار وأحاديث صحيحة. يذكر الله دائما الشمس والقمر، ويذكر أنه سخرهما؛ كما في قوله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وهذا دليل على أنهما يسيران. وكذلك قوله تعالى: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى والجريان هو السير. أخبر بأن كلا من الشمس والقمر يجري؛ وهذا مشاهد.
مُشَاهَدٌ أننا في أول الشهر نرى القمر إلى جانب الشمس؛ قريبا منها, ثم في الليلة الثانية يبتعد عنها قليلا، وهكذا كل ليلة؛ إلى أن يكون في نصف الشهر؛ في الجانب الشرقي، والشمس في الجانب الغربي.
في نصف الشهر نشاهد أنها تغرب من المغرب، ويطلع القمر من المشرق. ثم لا يزال يتأخر أيضا إلى أن يتم الشهر؛ فيكون إلى جانبها مرة أخرى. فذلك معنى قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ أخبر بأن القمر له منازل. ثمانية وعشرون منزلا أو ثلاثون، أو تسع وعشرون منزلة. إذا كان الشهر ناقصا فله تسع وعشرون منزلة. وإن كان كاملا فله ثلاثون منزلة. كل ليلة ينزل في منزلة. ويقع بين المنزلتين قريبا من ثلثي ساعة؛ يعني: أربعين دقيقة، أو أقل أو أكثر بقليل. ويمكن أن تتحقق من ذلك إذا رأيته غرب في هذه الليلة؛ كتبت وقت غروبه بالدقيقة. ثم تنظر في الليلة التالية وتكتب وقت غروبه بالدقيقة؛ فتعرف ما بين المنزلتين.
وكذلك في الطلوع؛ إذا نظرت في طلوعه في هذه الليلة، وكتبت وقت طلوعه بالدقيقة، ثم نظرت في الليلة التي بعدها، وعرفت وقت طلوعه؛ فعرفت ما بين المنزلتين. ثم إن القمر يستمد نوره من الشمس. كأن القمر زجاجة أو مرآة؛ فإذا كان إلى جانب القمر سطع ضوء الشمس في حرفه؛ في حرف من حروفه الذي يليها. وكلما ابتعد عنها ازداد سطوعها فيه؛ إلى أن يكون في المشرق وهي في المغرب. فحينئذ يتقابلان؛ فتسطع فيه ويضيء كله ويتم ضياؤه. هذه سنة الله.

line-bottom