إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107091 مشاهدة
اختلاف العلماء في مقر الأرواح

...............................................................................


وقد اختلف العلماء وغيرهم في مقر الأرواح في هذه الدنيا, إذا قيل: إن الأرواح بعد خروجها من الأجساد موجودة لم تَفْنَ، فأين مقر الأرواح؟ وأوردوا في ذلك كلاما كثيرا, ورؤى وحلوما وآثارا, وكلها ظنية. فمنهم مَنْ يقول: إن أرواح الكفار في بئر برهوت بئر يقولون: إنها في بلاد حضرموت تجمع فيها أرواح الكفار كلهم, كلما خرجت روح ذهبت إلى تلك البلد, أي: إلى تلك البئر.
هكذا ذُكِرَ في كثير من الآثار، ولكن لم يكن هناك ما يُعْتَمُد عليه إلا مجرد أحلام، ومعلوم أن الأرواح التي تقبض في الساعة الواحدة في الدنيا كلها أرواح الكفار قد تكون ألوفا وألوف الألوف وأن الأرواح لا بد أنها تتميز.
ثم قالوا: إن أرواح المؤمنين مقرها بئر زمزم يعني: أنها تستقر في تلك البئر, معلوم أيضا أن البئر محصورة, وأنها لا تتسع لهذه الأرواح مع كثرتها.
ولكن الجواب أن نقول: الله أعلم أين مستقرها, سواء قيل: إنها في الدنيا, أو أن هذه في النار, وهذه في الجنة, أو أن هذه في الهواء، وهذه في السماء, أو ما أشبه ذلك. ورد أيضا أن الأرواح تتعارف في البرزخ، وأنه إذا قبضت روح الإنسان ثم عرضت على أرواح الآخرين تعارفوا، فأرواح المؤمنين تجتمع فيسألون مَنْ جاءهم: أين فلان؟ ما فعل فلان؟
فإذا قال: إنه قد مات -وهم الأرواح المؤمنة- قالوا: ما جاءنا.. ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية, فبئست الأم, وبئست المربية! ومعلوم أن الهاوية اسم من أسماء النار فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ فيفهم من هذا أن أرواح الكفار تلقى في النار كما يشاء الله، وأن أرواح المؤمنين تكون في الجنة أو في جنة في الدنيا، وكل ذلك من علم الغيب الذي لم يُطْلِعِ الله تعالى عليه بشرا.