اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108175 مشاهدة
الإيمان بالجنة من الإيمان بالآخرة

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من شروط الإيمان بالله الإيمان باليوم الآخر، وهو يشمل كل ما يكون بعد الموت؛ فأول ذلك ما يحصل عند الموت من نزول ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب لقبض الأرواح، وكذلك ما ذكر من أن الملائكة إذا قبضوا الروح إما أن يجعلوها في أكفان من الجنة أو أكفان من النار، وكذلك عذاب القبر أو نعيمه، وكذلك الحشر والنشر والنفخ في الصور وعدد النفخات، وما يكون بعد البعث؛ ما يكون من الحساب والجزاء على الأعمال، ومن نصب الموازين، ومن نشر الدواوين، ومن نصب الصراط على متن جنهم، ومن الحوض المورود والمكان المحمود، وآخر ذلك استقرار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. كل ذلك مما يجب الإيمان به، ويدخل في قوله: واليوم الآخر والبعث بعد الموت.
فقد ذكر الله تعالى في كتابه، ونبيه -صلى الله عليه وسلم- في سنته أمور الآخرة؛ ومن ذلك الثواب والعقاب، فالثواب أعلاه دخول الجنة، ولا شك أن الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله تعالى لأوليائه وذكر لنا صفتها, وأكثر من ذكر ما يشجع، ويحمل على الأعمال الصالحة التي تؤهل العبد لها.
إذا قرأ المؤمن تلك الصفات حرص على أن يكون من أهلها؛ حتى يحظى بذلك الثواب، فإذا قرأت قول الله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
هذا ثواب عظيم جعله الله لهؤلاء الذين وصفهم: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ذكر من أمرهم أنهم آمنوا وأنهم عملوا الصالحات، وإن كان الإيمان يشمل الأعمال كلها؛ الأعمال الصالحة؛ فعل الطاعات وترك المحرمات، ولكنه نص على الأعمال الصالحة بعد الإيمان؛ ليبين أنها ثمرته وأنها من آثاره.

وكذلك أيضا: ذكر -سبحانه- أن هذه الجنة لهؤلاء، ولم يقل: جنة، بل قال: جنات. وأصل الجنة هي البستان الذي فيه أنهار وأشجار وآبار وأزهار وخضار وفواكه يتنعم بها، يأكل منها مما يريد، يتنقل منها ما بين ثمار حالية, وثمار يانعة، يأخذ منها ما يتمناه وتلذ به عينه.
وصف الله هذه الجنة بأوصاف عظيمة، فوصفها في مثل قوله تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ أي: ما أخفاه الله لهم مما تقر به أعينهم لا يعلمه أحد، لا تعلم أية نفس ما أخفاه الله وما ادخره لأوليائه، وكذلك قال الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ .
أي: كل ما تشتهيه وكل ما تتمناه، وبَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مجملا بقوله: إن فيها ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر .
أي: لم يخطر على قلب إنسان، ولم يظنه، وإنما يراه عندما يراه فيرى شيئا لم يخطر له على بال؛ من الأشياء التي ادخرها الله، لا يتصورها في الدنيا، ولكنها فوق ما يمكن أن تتصوره الأنفس، ذلك -من حيث الإجمال- وصف هذه الدار التي هي دار الكرامة للأولياء.
كذلك أيضا: فصل الله بعض ما فيها، وفصّله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو كان في بعض تلك التفاصيل شيء من التساهل أو من المبالغة، ولكن من حيث الأصل موجود فيها ما ذكر.