إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
139581 مشاهدة print word pdf
line-top
الحكمة من خلق الشمس والقمر

...............................................................................


ذكر الله أن القمر نور، وأن الشمس ضياء جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وجعل القمر يستفاد منه في الليل؛ في الليالي الظلماء. الذي يسري في الليلة الظلماء يستضيء بضوء القمر في البراري والصحاري، جعله آية الليل؛ قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً آية النهار هي الشمس؛ يعني أنها مضيئة إضاءة شديدة. فإنها إذا طلعت أضاءت على الأرض التي تطلع عليها؛ بحيث أن ضوءها يدخل في داخل الدور، يدخل مع الأبواب،ومع النوافذ؛ يستضاء بها في الأماكن المظلمة؛ فلذلك جعلها الله تعالى نورا، وجعل وقتها هو النهار؛ فزمانها هو النهار، وزمان القمر والاستفادة منه هو في الليل.
فإذا عرفنا ذلك؛ نعرف أنهما آيتان من آيات الله خلقهما لمصلحة العباد؛ فيهما فوائد؛ فمن ذلك: معرفة الأوقات؛ نعرف منتهى اليوم بغروب الشمس. إذا غربت الشمس انتهى هذا اليوم، وإذا طلعت ابتدأ اليوم الثاني. إذا غربت ابتدأت الليلة، وإذا طلعت انتهت الليلة. وهكذا يعرف الأسبوع بمرور الشمس، سبعة أيام تمر تطلع فيها الشمس كل يوم فيعرف بذلك الأسبوع. وأما الشهر فإنه يعرف بالقمر؛ ولو عرف بالشمس يعني: بعدد الأيام؛ لكن العلامة الظاهرة هي القمر. فإذا هَلَّ القمر عرف بأنه انتهى الشهر الماضي ودخل شهر جديد.
وهكذا أيضا معرفة السنوات. يحسبون اثني عشر شهرا، ويعرفون بذلك أنها قد انتهت السنة. دليل ذلك قول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أي: أشهر السنة اثنا عشر شهرا، هذه هي الأشهر القمرية، وهي الأشهر المشاهدة. علامتها هذه الأهلة؛ قال الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ سألوا عن الهلال؛ لماذا جُعل هذا الهلال؟ فذكر الحكمة؛ أنه لمعرفة الأوقات.
وهكذا قال الله تعالى بعدما ذكر أنه سخر الشمس والقمر؛ قال تعالى: وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ولا شك أنها آيات من آيات الله. يقول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يعني: من الآيات التي يستدل بها على كمال قدرته، وعلى عظمته؛ جعل الليل والنهار وجعل الشمس والقمر. ويقول تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ يعني: ينسلخ النهار ويظلم الليل. فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ .
والشمس, يعني وآية لهم وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا تسير إلى المستقر الذي قدر الله أنها تستقر فيه؛ إما أنه ما ذكر من أنها تسجد تحت العرش، وإما أن المستقر هو منتهى سيرها في الآخرة. تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ يعني: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر، يعني: تمنعه أن يضيء. وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ بل جعل الله الليل له وقت، والنهار له وقت، وكل منهما يسير، وكل منهما يجري؛ ولهذا قال الله تعالى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ .
ذكروا: أن الشمس مركبة في فلك؛ يعني: مركبة في فلك دائرة، وأنها تمشي في هذا الفلك، تسير فيه سيرا سريعا؛ بحيث أنها تقطع هذه المسافة الطويلة في أربع وعشرين ساعة. وكذلك القمر مركب أيضا في فلك. وهكذا النجوم ركبها الله تعالى في أفلاك مستديرة حول الأرض؛ فهي تسير فيها بتسخير الله تعالى، سخرها؛ سخر لكم النجوم وسخر لكم الليل والنهار وسخر لكم الشمس والقمر.
وكل ذلك فيه فوائد؛ فمنها ما ذكر من قوله: قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ومن ذلك ما ذكر أيضا من قوله: لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ومن ذلك العبرة؛ أي: لتعتبروا بها. ومن ذلك تمام المصالح؛ يعني مصالح العباد. قال الله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ لو أن الليل دائم على الدنيا كلها لما تمت مصالحهم، ثم قال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا يعني: مستمرا دائما مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ الله هو الذي يأتي بهذا وبهذا. يقدر وقت هذا ووقت هذا. فهذه من آيات الله.
ولهذا قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني: منامكم غالبا بالليل، وابتغاؤكم من فضله بالنهار. فذلك من آيات الله التي نصبها لعباده.

line-bottom