إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107442 مشاهدة
تعريف الإخلاص والرياء

فكل من تعبد بعبادة ولكن لم تكن على ما فرضه الله, ولا على ما أمر به, ولا على ما أراده على العبد فإنها غير مقبولة، بل مردودة؛ وذلك لأن العبادات والطاعات والقربات مبنية على الشرع على ما بَيَّنَهُ الله تعالى في القرآن, وعلى ما بَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية.
ولهذا قال العلماء: إن الأصل في العبادات والقربات المنع منها كلها إلا بدليل؛ فكل من تقرب بقربة أو أتى بعبادة سئل عن دليله في شرعيتها, إلا إذا كان لها أصل في الشرع, فإن الله تعالى يقبلها إذا كان لها أصل من الشرع.
اشترط العلماء لقبول كل عبادة شرطين: الأول الإخلاص, والثاني المتابعة. أن تكون خالصة لوجه الله, وأن تكون صوابا على السنة، أخذ ذلك الإمام الصنعاني في بائيته؛ حيث يقول:
فَلِلْعَمَلِ الإخـلاص شـرطٌ إذا أتـى
وقـد وافقـتـه سُـنَّة وكتــاب
للعمل أي: لقبول العمل, الإخلاص شرط، والثاني: وقد وافقته سنة وكتاب, أي: قد وافق الشرع, وافق السنة، ويؤخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ وهذا عامٌّ بما إذا تقرب بقربة، أو أتى بعمل, وذلك العمل الذي يتقرب به ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنة, فيُردّ عليه عمله حتى يكون موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال: أخلصه وأصوبه، قيل: فَسِّرْه لنا يا أبا علي فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا؛ والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة.
والإخلاص أن يسلم العمل من الرياء والسمعة، ومن إرادة المصالح الدنيوية؛ ولهذا بَوَّبَ الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في كتاب التوحيد باب ما جاء في الرياء، وأورد فيه بعض الآيات، والآيات كثيرة مثل قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ أي مراءاة للناس، ومثل قوله تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ هكذا وصفهم بأنهم كسالى ويراءون، وكذلك قول الله تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ فالرياء يحبط الأعمال؛ دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، من راءى راءى الله به أي: من سَمَّعَ, يعني: عمل عملا ليسمعه الناس ويمدحونه، يسمع الله به، ومن راءى بأعماله الظاهرة راءى الله به.