إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
139667 مشاهدة print word pdf
line-top
تعريف الإخلاص والرياء

فكل من تعبد بعبادة ولكن لم تكن على ما فرضه الله, ولا على ما أمر به, ولا على ما أراده على العبد فإنها غير مقبولة، بل مردودة؛ وذلك لأن العبادات والطاعات والقربات مبنية على الشرع على ما بَيَّنَهُ الله تعالى في القرآن, وعلى ما بَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية.
ولهذا قال العلماء: إن الأصل في العبادات والقربات المنع منها كلها إلا بدليل؛ فكل من تقرب بقربة أو أتى بعبادة سئل عن دليله في شرعيتها, إلا إذا كان لها أصل في الشرع, فإن الله تعالى يقبلها إذا كان لها أصل من الشرع.
اشترط العلماء لقبول كل عبادة شرطين: الأول الإخلاص, والثاني المتابعة. أن تكون خالصة لوجه الله, وأن تكون صوابا على السنة، أخذ ذلك الإمام الصنعاني في بائيته؛ حيث يقول:
فَلِلْعَمَلِ الإخـلاص شـرطٌ إذا أتـى
وقـد وافقـتـه سُـنَّة وكتــاب
للعمل أي: لقبول العمل, الإخلاص شرط، والثاني: وقد وافقته سنة وكتاب, أي: قد وافق الشرع, وافق السنة، ويؤخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ وهذا عامٌّ بما إذا تقرب بقربة، أو أتى بعمل, وذلك العمل الذي يتقرب به ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنة, فيُردّ عليه عمله حتى يكون موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال: أخلصه وأصوبه، قيل: فَسِّرْه لنا يا أبا علي فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا؛ والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة.
والإخلاص أن يسلم العمل من الرياء والسمعة، ومن إرادة المصالح الدنيوية؛ ولهذا بَوَّبَ الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في كتاب التوحيد باب ما جاء في الرياء، وأورد فيه بعض الآيات، والآيات كثيرة مثل قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ أي مراءاة للناس، ومثل قوله تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ هكذا وصفهم بأنهم كسالى ويراءون، وكذلك قول الله تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ فالرياء يحبط الأعمال؛ دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، من راءى راءى الله به أي: من سَمَّعَ, يعني: عمل عملا ليسمعه الناس ويمدحونه، يسمع الله به، ومن راءى بأعماله الظاهرة راءى الله به.

line-bottom