إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
121399 مشاهدة
حال المؤمن بربه المصدق بقوله

...............................................................................


فإذا رأيت المصدق بالله تعالى رأيته يخافه ويرجوه، رأيته يعبد الله ويجتهد في عبادته ويتقرب إليه بأنواع الطاعات، رأيته يبتعد عما حرمه ربه عليه ويخشى الله تعالى أن يعاقبه؛ وذلك لأنه تحقق صدق خبر الله، تحقق أن ربه تعالى يراه ويطلع عليه في كل الأحوال، وأنه لا يخفى عليه منه خافية، فذلك هو الذي حمله على أن يخاف الله وعلى أن يعبده حق العبادة، وإذا رأيت الذي يقع في المعاصي، ويتساهل في الطاعات ويفرط في أوامر الله سبحانه، ويفعل ما نهاه الله عنه فإنك تعرف ضعف تصديقه، وضعف إيمانه.
حيث أن إيمانه الذي في قلبه لم يكن قويا يحجزه عن الآثام، يحجزه عن المحرمات، يحمله على الطاعات وعلى الاستكثار من الأعمال الصالحة، فضعف تصديقه وضعف إيمانه وضعف ما في قلبه من اليقين، فكان أثر ذلك النقص في الأعمال وكان أثر ذلك فعل السيئات.
هذا أثر من آثار ضعف الإيمان, فنعرف بذلك أن قوة الإيمان تظهر آثارها بكثرة الحسنات والبعد عن السيئات، وأن ضعف الإيمان يظهر أثره بكثرة السيئات وقلة الحسنات، وقد يكون مع العصاة شيء من العمل, قد يكون عندهم عمل وحسنات، ولكنها قليلة وضعيفة بالنسبة إلى غيرهم, وذلك لأن السبب هو ما ذكرنا من قوة الإيمان أو ضعفه.