(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107021 مشاهدة
كثرة الملائكة والأدلة على ذلك

...............................................................................


فكثرتهم دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به يقول: ثم دخلْتُ البيت المعمور فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه هذا دليل على كثرتهم كل يوم من أيام الدنيا من حين خلق الله الدنيا يدخله يتعبد فيه سبعون ألف ملك، ثم في اليوم الثاني يأتي غيرهم ثم في اليوم الذي بعده يأتي غيرهم إلى آخر الدنيا؛ ذلك دليل على كثرة هؤلاء الملائكة.
ومن الدليل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: أطت السماء وحق لها أن تئِط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك قائم أو راكع أو ساجد موضع أربع أصابع دليل على كثرة الملائكة الذين في السماء، وأما عظمتهم أو عظمة بعض منهم من حملة العرش ونحوهم.
فثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: أُذِنَ لي أن أحدث عن ملك ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة سنة وفي بعض الروايات مسيرة سبعين خريفا. لا شك أن هذا دليل على عظمة خلقه إذا كان من شحمة أذنه إلى عاتقه -أي منكبه- هذه المسافة فكيف ببقية جسده؛ سواء كان على هيكل الإنسان أو على غير ذلك هكذا خلقه الله.
قد سمعنا في هذه الأحاديث, وفي هذه الآثار ما يدل على كثرة الملائكة.
ورد في بعض الآثار التي سمعنا وفي غيرها أن الله وَكَّلَ بكل قطرة من المطر ملكا يسددها حتى تقع في الموضع الذي أمر الله بوقوعها فيه من الأرض, كل قطرة من المطر .. مَنِ الذي يحصي هذا المطر وقطراته إلا الذي خلقه؟! كذلك أيضا سمعنا أنه ما من شجرة إلا وكّل اللهُ بها ملائكة ولا يسقط ورقة إلا وملك يضعها في موضعها الذي تسقط فيه، وقد علم الله تعالى متى تسقط ومتى تنبت سمعنا دليل ذلك من القرآن قول الله تعالى: وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ حبة مما ينبت على وجه الأرض؛ حبة خردل أو حبة بر أو نحو ذلك من أية شجر لها حب إلا والله تعالى قد علم وقت نباتها ووقت جفافها وكتب ذلك، وكتب أيضا عدد أوراق الشجر وعلم عدد حبات الرمل وعلم عدد حبات التراب، وكّل بذلك ملائكة يكتبون ذلك ويقررونه ويقدرون أوقاته ونحو ذلك.