اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
165285 مشاهدة print word pdf
line-top
الابتلاء يكشف معدن الإنسان من حيث الصدق والكذب

...............................................................................


وهكذا الذين صَدَّقُوا بما أخبر الله تعالى في الدار الآخرة من الجزاء على الأعمال الصالحة من الجنة والنار, ونعيم هذه, وعذاب هذه, حملهم هذا التصديق على أن تحملوا المشاق, وعلى أن صبروا على الابتلاء والامتحان الذي نالهم في ذات الله تعالى, فكان هذا هو السبب في أن تحملوا المشاق, وأن صبروا على الابتلاء لما أنهم عذبوا في مكة استغرب بعضهم، أنزل الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ لماذا؟ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أي: أن الابتلاء لأجل أن يظهر من عَلَم الله صدق إيمانه, ومَنْ علم كذبه في إيمانه, أو مَنْ علم ضعف الإيمان في قلبه, ومن علم قوة الإيمان.
ولذلك قال الله تعالى في آية أخرى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ فهكذا أخبر الله أنه يبتليهم، فالذي يكون ضعيف الإيمان إذا أصابه خير ورزق وصحة وسعة بال وأمن واطمئنان بقي على ما هو عليه, فإذا ابتلي وأصابته فتنة ومرض وموت قريب أو نحوه وفقر وفاقة وعذاب وحبس وضيق ونحو ذلك انقلب على عقبه, ارتد عن ما هو عليه, وكذّب بما هو عليه, وسب ما جاء به أو ما يعمله, وادّعى أن دخوله في الإيمان سبب لشقائه وما أشبه ذلك.
لا شك أن هذا هو السبب في امتحان الله تعالى بعضَ الناس عندما يكون الإيمان ضعيفا.

line-bottom