الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
104037 مشاهدة
الإيمان باليوم الآخر من الإيمان بالغيب

...............................................................................


كذلك الإيمان باليوم الآخر؛ من الإيمان بالغيب الإيمان باليوم الآخر وبالبعث بعد الموت, وبما يكون في الدار الآخرة, وبما يكون في البرزخ من الجنة والنار, وعذاب القبر, والحساب في الآخرة, وما أشبه ذلك، مفصل في القرآن وفي السنة, ومبين جميع ما يكون في الآخرة مجملا ومفصلا، نؤمن به وإن لم نَرَهُ, وإن لم تدركه عقولنا. هكذا يكون أهل السنة يؤمنون بالبعث بعد الموت، ويؤمنون بما يكون في الآخرة مما فُصّل في القرآن, وجاء تفصيله موضحا في السنة, خالف في ذلك المشركون الذين يستبعدون إحياء الموتى، ويقولون: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ يستبعدونه أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ثم يكذب بذلك أيضا الفلاسفة الذين ينكرون بعث الأجساد، وذلك لأنهم لفلسفتهم ولتوغلهم في هذا العلم الغيبي أدّى بهم الأمر إلى أن أنكروا ما لا تدركه عقولهم, واستبعدوا إحياء الموتى بعد التفرق والذهاب، أما المؤمنون وأهل السنة والجماعة وسائر أهل السنة, وسائر المؤمنين, فإنهم يُقِرُّون بالبعث, وبالجزاء على الأعمال, ويؤمنون بكل ما أخبر الله تعالى به في الدار الآخرة من الجزاء الأوفى، ويؤمنون بأن الجنة دار النعيم, أعدها الله تعالى لأنبيائه وأتباعهم وأنها باقية, ليس بعدها ظعن ولا ارتحال ولا فناء لها، وكذلك يؤمنون بأن النار دار العذاب أعدها الله تعالى لأعدائه، وأنها باقية لا تفنى ولا تبيد، ودليلهم في ذلك القرآن والسنة.