إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
148597 مشاهدة print word pdf
line-top
صفة الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى- حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا ابن فضيل قال: حدثنا مسعر عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نخل الجنة خشبها ذهب أحمر وكربها زمرد أخضر وثمرها كأمثال الدلاء أحلى من الشهد وألين من الزبد لا عجم لها.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عباس بن عبد العظيم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك عن محمد بن جحادة عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام .
قال: أخبرنا أبو يعلى حدثنا ابن نمير حدثنا ابن أبي عبيدة عن أبيه عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي -رحمه الله تعالى- قال: إن الجنة قصورها من ذهب وقصور من فضة وقصور من ياقوت وقصور من زبرجد ترابها المسك والزعفران.
قال: حدثنا عمران بن موسى بن فضالة قال: حدثنا إسحاق بن شاهين قال: حدثنا خالد عن الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين كل مصراعين من مصاريع الجنة سبع سنين .
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حيان بن مقير قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا النضر بن شميل قال: حدثنا عوف عن خلاس ومحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها .
قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن خلاس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن للمؤمن زوجتين يرى مخ سوقهما من بين ثيابهما .
قال: حدثنا الفضل بن العباس قال: حدثنا القواريري قال: حدثنا معاذ قال: حدثني أبي عن قتادة عن خلاس عن ابن رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال: حدثنا محمد بن يحيى عن ابن حميد قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون وزاد فيه أبو الأحوص إنما حاجة أحدهم جشاء ورشح كرشح المسك .
قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود قال: حدثنا محمود بن خالد وعباس الخلال قالا: حدثنا عمر بن عبد الواحد قال: حدثنا الأوزاعي عن هارون بن رياب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث أهل الجنة يوم القيامة في صورة آدم جرد مرد مكحلين أبناء ثلاثين، ثم يؤتى بهم شجرة في الجنة فيكسون منها لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم .
قال: حدثنا أبو بكر البزار قال: حدثنا محمد بن موسى القطان قال: حدثنا معلى بن عبد الرحمن قال: حدثنا شريك عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا .
قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المرأة من أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير ومخها، وذلك لأن الله عز وجل يقول : كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا لرأيته من ورائه .
قال: حدثنا محمود الواسطي قال: حدثنا أبو هشام قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن عامر الأحول عن أبي الصديق عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله وسنه ووضعه كما يشتهي .
قال: حدثنا يوسف بن يعقوب النيسابوري قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج الصواف قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن عامر الأحول عن قتادة عن أبي الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا مشرف بن أبان قال: حدثنا إسحاق بن عيسى عن محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة لعمودا من ذهب عليه مدائن من زبرجد يضيء لأهل الجنة كما يضيء الكوكب الدري في جو السماء. قيل: يا رسول الله لمن هذا؟ قال للمتحابين في الله تعالى .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا إسحاق بن حاتم المدائني قال: حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن أبيه قال: حدثني من أصدق عن زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن في الجنة شجرة تخرج من أعلاها الحلل ومن أسفلها خيل بلق من ذهب مسرجة ملجمة بالدر والياقوت ذو أجنحة لا تروث ولا تبول يركبها أولياء الله تعالى فتطير بهم في الجنة حيث شاءوا. فيقول الذين أسفل منهم منزلة: يا رب ما بلغ هؤلاء منازل هذه الكرامة؟ فيقول: إنهم كانوا يصلون وتنامون، ويصومون وكنتم تأكلون، وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون، ويقاتلون وكنتم تجبنون .
قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا ابن فضيل عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط قال: إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعمائة بكر وثمانية آلاف ثيب ما منهم واحدة إلا يعانقها عمر الدنيا كلها، لا يأجم واحد منهما من صاحبه، وإنه لتوضع مائدته فما تنقضي منها نهمته عمر الدنيا كله، وإنه ليأتيه الملك بتحية من ربه عز وجل وبين إصبعيه مائة أو سبعون حلة، فيقول: ما أتاني من ربي شيء أعجب إلي من هذه. فيقول: أيعجبك هذا؟ قال: نعم. قال: فيقول الملك لأدنى شجرة: يا شجرة كوني لفلان من هذا ما اشتهت نفسه.
قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول زمرة تدخل الجنة يوم القيامة صورة وجوههم مثل صورة القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على أحسن كوكب دري في السماء. لكل رجل زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما ودمائهما وحللهما .
قال: حدثنا محمد بن أحمد بن معدان قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال سمعت أبا غسان محمد بن مطرف يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أهل الجنة قام رجل فقال: يا رب، ائذن لي في الزرع . فقال الله: هذه الجنة كل منها حيث شئت. فقال: يا رب، ائذن لي في الزرع. فأذن له، فيبذر حبة، فلا يلتفت حتى تعود كل سنبلة طولها ثنتي عشرة ذراعا، ثم لا يبرح مكانه حتى يكون منه ركام أمثال الجبال. فقال أعرابي: يا رسول الله، لا تجد هذا الرجل إلا قرشيا أو أنصاريا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم .
قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سابور الواسطي بالرقة قال: حدثنا عبد الحميد بن سليمان أخو فليح عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة لمراغا من مسك مثل مراغ دوابكم في الدنيا .
قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا محرز بن عون قال: حدثنا رشيد بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ والذي نفسي بيده إن ارتفاعها كما بين السماء والأرض، وإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة .
قال: حدثنا محمد بن طاهر بن أبي الدميك قال: حدثنا عبيد الله العيشي قال: وحدثنا إبراهيم محمد بن الحارث قال: حدثنا هدبة قال: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم طول ستين ذراعا وفي عرض سبع أذرع .
قال: حدثنا بشر بن أبي السري قال: حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثنا أبي عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقعد أحدكم من الجنة أن يقال له :تمن؛ فيتمنى. فيقال له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم. فيقال: فلك ما تمنيت ومثله معه .
قال: حدثنا بشر قال: حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثنا أبي عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن مطرف عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه ليرى مخ ساقها من وراء الحلل وإن عليها سبعين حلة .
قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن الوليد قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو قتيبة قال: حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن الزبير بن موسى عن أبيه عن جابر رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أرض الجنة فقال: خبزة بيضاء .
قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله رضي الله عنه في قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال: أرض بيضاء كأنها فضة لم يعص الله تعالى عليها ولم يسفك عليها دم حرام.


هذه الأحاديث والآثار: منها ما هو ثابت صحيح، ومنها ما تساهل فيه الرواة كالأحاديث التي فيها ثواب, وفيها فضل في فضائل الأعمال؛ فلا شك أنهم يتساهلون فيها، وأن أكثرها مما يُحَدِّثُ بها القصاص, يُرَغّبون الناس الذين يستمعون إليهم حتى ينصتوا لمواعظهم، ويكثر الذين يخشون ويبكون عندما يسمعون هذه المواعظ، وهذا الثواب الذي يترتب على أعمال الإنسان، الأعمال الصالحة في الدار الآخرة.
والأصل أن الأعمال الصالحة جعل الله تعالى ثوابها في الجنة؛ كرامة الله تعالى لأهله. أخبر تعالى بأنه أعد الجنة لمن أطاعه, قال الله تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ الجنة دار كرامة ثوابا للمتقين. فهذه الدار التي هي دار الثواب لا بد أن فيها ما يحفز النفوس, ويبعث الهمم على طلبها، ولا تحصل إلا لمن عمل عملا صالحا.
والعمل الصالح يكون في هذه الحياة الدنيا, مدة هذا العمر هي التي يغتنمها العبد ويقدم ثمنا للدار الآخرة, ثمنا للجنة؛ ولذلك يذكر الله في القرآن هذا الثواب الذي هو الجنة، كما في قوله تعالى: فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ يقال لهم: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ أي: بما قدمتم من الأعمال الصالحة في الأيام التي مضت؛ أي في حياتكم الدنيا.
ما ورد فيها من الثواب لا شك أنه يعتبر ترغيبا لمن يعمل الأعمال الصالحة. يرغب الله في الثواب، وفي هذا الأجر حتى يتسابق الناس؛ ولذلك يقول الله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ لما ذكر ثوابهم إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ .
فالقرآن بَيَّنَ هذه الدار التي هي دار الله التي بناها وهيأها لأوليائه وأعدها لهم، أخبر بأنها معدة أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ أي هيئت لهم، أعدت لأهل التقوى، أعدت للذين آمنوا، يقول تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .
يقول العلماء: إذا كان هذا عرضها, السماوات والأرض عرضها, كيف يكون طولها؟ لا يعلمه إلا الله. أخبر تعالى بأن فيها قصورا وأنهارا وخياما، في قوله: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ قالوا: إن الخيمة طولها ستون ميلا؛ أي سعتها. إن ما أعد الله فيها للمؤمنين... ففيها أنواع الأطعمة؛ قال الله تعالى: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا يعني: كلما أتوا برزق. قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا فيقال لهم: كلوا، فاللون متفق, والطعم مختلف. يأكلون فيها من أنواع الأطعمة ما يشاء الله، ما لا يعلم قَدْرَهُ إلا الله، يقول الله تعالى: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا يعني: كلما أوتوا بثمار وبفواكه ظنوا أن هذا الذي رُفِعَ قبل فيأكلونه, ويجدون لآخره لذة كما يجدون لأوله.
لما أن بعض اليهود أنكروا وقالوا: تزعم يا محمد أن أهل الجنة يأكلون، والذين يأكلون يحتاجون إلى التخلي؛ الأكل الذي يأكله الإنسان في الدنيا يحتاج إلى إخراجه بعدما يكون مستقبحا مستكرها، وليس في الجنة خَبثٌ, وليس في الجنة روائح مستكرهة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ما يأكلونه يكون رشحًا في أبدانهم أي: عرقا. ريحه كريح المسك تضمر بعده بطونهم فيأكلون كما يشاء الله.

line-bottom