عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
121421 مشاهدة
آثار الرياء السيئة

وكذلك وَرَدَ في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشِّرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشِرْكَهُ وأن الله تعالى يقول للذين يُراءون بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا؟ الذين تُراءونهم؛ المرائي يصلي لأن يراه الناس ويمدحونه، يتصدق لأن يروه فيمدحونه, ويثنون عليه، أو يقرأ ويرفع صوته ويُحَسِّن صوته حتى يثنى عليه ويمدح, ويقال فلانا القارئ, وفلانا المصيب في قراءته وما أشبه ذلك! وهكذا يقال في بقية الأعمال- مسموعة أو مرئية- فإنَّ مَنْ سَمَّع بقراءته, أو بذكره, أو بدعائه سَمَّعَ الله به, يعني: فضحه, ونَشَرَ له سمعة سيئة، ومَنْ راءى بصلاته وبصدقته وبِحَجِّه وبجهاده -وما أشبه ذلك- راءى الله به, يعني: فضحه, وكشف ستر عمله الذي ما أراد به وجه الله.
فهذا بيان أن الرياء يحبط الأعمال ، وكذلك مَنْ أراد بأعماله مصالح دنيوية, يعني: قصد بهذا العمل مصلحة دنيوية, مثلا: قصد بجهاده المغنم؛ أي يجاهد لأجل المغنم، أو يجاهد لأجل الرزق الذي يُدفع له؛ فعمله دنيوي، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، وأما إذا قاتل للمغنم، أو قاتل ليرى مكانه، أو قاتل حمية أو عصبية فإن جهاده لما جاهد له، وهكذا من هاجر من بلد إلى بلد كانت هجرته لدنيا يصيبها ومكاسب يحصل عليها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه أي: إلى ذلك الشيء الذي هاجر إليه ليس له أجر.
ومن هذا نعرف أن العمل لا بد أن يكون خالصا ليس فيه رياء، ولا إرادة للمصالح الدنيوية؛ ولهذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل عمل المجاهد الذي يجاهد ليقال جريء، والذي ينفق ماله ليقال جواد، والذي يقرأ ليقال قارئ، وجعل هؤلاء من أهل العذاب، وكذلك توعّد مَنْ يتعبد لأجل المصالح الدنيوية بقوله: تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة يعني: عبدها؛ لأنه يحب لها ويبغض، ويوالي لها ويعادي، ويعطي لها ويمنع.