قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
148555 مشاهدة print word pdf
line-top
المخلوقات تنقسم إلى ثلاثة أقسام

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، مَن عرف عظمة الله تعالى عظّمه، ومن عظّم ربه عبده، من عرف عظَمة الله تعالى صغرت عنده المخلوقات، صغر عنده المخلوقون، واحتقر كل مخلوق بالنسبة إلى عظمة الخالق، ثم إن عظمة مخلوقات الله تعالى وكبرها وسعتها وكثرتها دليل على عظمة من أوجدها، على عظمة من خلقها.
وإذا تأملنا في مخلوقات الله تعالى وجدنا أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: جماد غير نامٍ.
والقسم الثاني: حي ولكنه غير متحرك, ينمو ولكنه لا يتحرك بطبعه.
والقسم الثالث: حي وفيه حياة وروح, ويتحرك بطبعه وباختياره, وكلها نصَبَها الله تعالى للاعتبار وللتذكر, ولمعرفة قدرة من أوجدها.
فالقسم الأول: الجمادات, إذا نظرت في الجبال وعظمتها, ونظرت في الأرض وسعتها، وما فيها من الشعاب والأتربة والكثب والرمال وأنواع الحجارة صغارا وكبارا, عرفت أنه ليس أحد خلقها إلا الله، ليست خلقت نفسها, ولم تُوجِد نفسها, ولم يُوجدها المخلوقون, وليس وجودها طبيعيا, بل إن لها خالقا أوجدها هو الله وحده؛ ولذلك كثيرا ما يذكر الله تعالى النظر في هذه المخلوقات؛ كقوله تعالى: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ أي: تفكروا وانظروا في هذه الجبال؛ منها ما هو رفيع, ومنها ما هو منخفض, ومنها ما هو منبسط, إن في ذلك لذكرى، عظمتها وكثرتها وكونها توجد في جهة وتوجد في جهة آية من آيات الله.
كذلك إذا نظرت في الكثب والرمال، الأرض التي هي رملية فيها كثب كأمثال الجبال, لا شك أن الله تعالى هو الذي أوجدها, وهو الذي خلقها على هذه الخلقة, لم توجد نفسها, ولم توجدها طبيعة, فعظمتها وكثرتها وما تحتوي عليه أمر يدعو إلى التفكر في آيات الله تعالى.
وأما الحي النامي الذي ليست حركته اختيارية, فهو مثل النبات, فإن النبات هذا يكون حيا, ثم يكون ميتا؛ فأنت تجد شجرة يابسة, فتقول: هذه ميّتة, وشجرة خضراء فتقول: هذه شجرة حية, ومع ذلك فإنها لا تتحرك باختيارها, بل هي أقرب ما يكون بالجماد إلا أنها تنمو وتعيش متى سُقيت, وتسمى الأرض التي فيها أرضا حية, والأرض اليابسة أرضا ميتة, كما أخبر الله تعالى بقوله: وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا أي: أرضا كانت ميتة أحياها الله تعالى, حياتها بهذا النبات, فصار هذا النبات حيا, وذلك لأنه ينمو ويزيد شيئا فشيئا, ولا شك أن الله تعالى الذي أوجده أوجده لمنفعتنا وأوجده للعبرة.
فالذي ينظر فيه ويتفكر يأخذ عبرة وموعظة, يعلم أنه على كل شيء قدير, كيف أن الأرض قبل قليل كانت يابسة جافة ليس فيها خضرة ولا نبات, نزل عليها الماء الذي أنزله الله تعالى بقدرته, ثم لم تلبث إلا قليلا، فبعد قليل وجدتها خضراء تهتز فيها من أنواع النباتات المختلفة الزهور والطعوم والألوان والروائح والطبائع والأشكال والأجرام والثمار! منها ما هو مأكول للإنسان، ومنها ما هو غذاء للحيوان، ومنها ما هو غذاء للطيور، ومنها ما هو غذاء للحشرات وما أشبهها!
لا شك أن هذا أمر عظيم, وآية عجيبة نصَبها الله تعالى لعباده ليعتبروا وليتفكروا فيما خلق الله تعالى فيأخذوا من ذلك أن الذي خلقها هو خالق كل شيء، كثير ما يلفت الله تعالى الأنظار إليها؛ كقوله تعالى: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ إلى قوله تعالى: تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ .
وغير ذلك من الآيات التي يذكر الله تعالى بها عباده؛ فيخبرهم بأنه الذي أنزل الماء وأنه الذي جعل الأرض قابلة لأن تنبت هذا النبات، وأنه جعل في هذا النبات غذاء لهم ولدوابهم، كما في قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ يعني.. وكذلك علم جميع المخلوقات الذي أنزل من السماء ماء فأخرج به رزقا لكم وأمركم بأن تتغذوا منه، وقال: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ .
وأما القسم الثالث: الذي هو حي متحرك فإنه جميع الحيوانات التي جعل الله تعالى فيها أرواحا تتحرك باختيارها، جعل فيها أنفسا وأرواحا تتحرك وتتوالد وتتزاوج ولا يقدر أحد أن يخلقوا مثلها، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ أي: أن جميع المخلوقين لو اجتمعوا على أن يخلقوا ذرة أو يخلقوا بعوضة أو يخلقوا ذبابا؛ يعني ينفخوا فيها الروح ويركّبوا قوائمه ويجعلوه حيا مختارا متحركا باختياره لن يقدروا.
وكذلك لو مات هذا الحيوان الصغير ما قدروا على أن يعيدوا إليه الحياة؛ لو ماتت البعوضة لن يقدروا على أن يعيدوا إليها الحياة، أو ماتت الذرة ونحوها لن يقدر أحد على أن يعيدها حية كما كانت، لما أنها ماتت وانتهت من هذه الحياة لا يقدر أية مخلوق على إحيائها بعد موتها، إنما الذي أماتها والذي أحياها هو خالق كل شيء هو الله سبحانه وتعالى.

line-bottom