الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: قول الإمام الشافعي - رضي الله عنه - في الصفات
قوله:
( قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي اسم> رضي الله عنه آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله. )
شرح:
الإمام الشافعي اسم> مُعترَف بإمامته، وله مكانة عند الأمة، وهو عالم قريش، فتح الله عليه، ورزقه فهمًا وإدراكًا ومكانة وشهرة في الأمة، واعتنق مذهبه الفئام من الناس الذين تمذهبوا بمذهبه، وساروا على طريقته في الفروع، ولكن مع الأسف إن كثيرًا منهم خالفوه في الأصول فرجحوا عليه أبا الحسن الأشعري اسم> وإن كان الأشعري اسم> أيضًا قد رجع عما قاله.
فيقال لهم: إن الشافعي اسم> - رحمه الله - في العقيدة على مذهب السنة وعلى مذهب سلف الأمة، فإذا كنتم تقتدون به فعليكم باتباعه، وبما جاء عنه سواء من المجملات، أو المفصلات.
وهو في هذا القول يصرح بما يعتقده، وإن كان مجملا، قال : آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله وكلنا نقول ذلك، لكن هل يفهم من قوله على مراد رسول الله و على مراد الله أنه غير مفهوم، أو أنه لا معنى له، أو أنّا لا ندري ما معناه؟ لا يفهم ذلك ؛ بل الأصل أن الشافعي اسم> وغيره يعرفون أن تلك النصوص لها معان مفهومة، حيث إنها ألفاظ عربية فصيحة ظاهرة لا خفاء فيها، فيعتقدون مدلولها، لكن قولهم على مراد الله ، على مراد رسول الله يريدون بذلك الكيفية التي أرادها الله، وخاطبنا رسوله ليفيدنا لا ليضلنا.
أما على طريقة المعتزلة ونحوهم فإنه قد يقال: إن هذا القرآن وهذه السنة ما زادت الأمة إلا حيرة، تعالى الله عن قولهم؛ لأنها أوقعتهم في الشكوك، وحملتهم على أن يتكلفوا في الصرف عن الظاهر، وأن يتأولوها تأويلات بعيدة، ولا شك أنه لم يكن مقصودًا للرسول أن يوقع الناس في الحيرة، ولا أن يكلفهم بالتكليفات التي سلكوها بالتأويلات التي أرادوا بها صرفها عن ظاهرها فإن ذلك غير مقصود.
وبكل حال: لا يفهم من قوله رحمه الله: على مراد الله ، وعلى مراد رسول الله أنه من المفوضة، بل هو يعلم معانيها، ويؤمن بها ويتحقق دلالتها، ولكن إنما يتوقف عن كيفية تلك الصفات، الكيفية التي هي عليها، فيقول: مراد الله محجوب عنا ومراد رسوله، يعني: بماهيتها وكنهها، وما هي عليه.
قوله:
مسألة>