الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: في العشرة المبشرين بالجنة
قوله :
( ونشهد للعشرة بالجنة رأس> كما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رسم> أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة متن_ح> رسم> , وكل من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة شهدنا له بها؛ كقوله: رسم> الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة متن_ح> رسم> وقوله لثابت بن قيس اسم> رسم> إنه من أهل الجنة متن_ح> رسم> . )
شرح:
في هذه الفقرة من المتن تزكية لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، وردٌّ بليغ على مَن طعن فيهم أو ضللهم - كما ذكرنا عن الرافضة - وقد ذكر شارح الطحاوية أن الرافضة يكرهون اسم العشرة ولا يحبونه؛ وذلك لأن هؤلاء العشرة عندهم كفار أو ضلال باستثناء علي اسم> رضي الله عنه؛ فلأجل ذلك لا يحبون لفظ العشرة ، مما يدل على أنهم كفروا جُلَّ الصحابة وما استثنوا منهم إلا أفرادًا قليلين.
ولكن رد عليهم شارح الطحاوية مبَيّنًا تناقضهم؛ فذكر أنهم لا يكفرون العشرة إنما يكفرون تسعة منهم، فهم لا يكرهون لفظ التسعة وإنما يكرهون لفظ العشرة ، ومع ذلك يُخرجون عليًّا اسم> من هؤلاء العشرة فلا يبقى عندهم إلا التسعة الباقون.
هؤلاء العشرة ثبت فيهم الحديث الذي ساقه ابن قدامة اسم> رحمه الله، ورواه الإمام أحمد اسم> وغيره عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل اسم> - وهو أحد العشرة وهو ابن عم عمر بن الخطاب اسم> فعمر اسم> هو : عمر بن الخطاب بن نفيل اسم> ابن عم زيد بن عمرو بن نفيل اسم> - أبو سعيد اسم> هذا.
فهؤلاء العشرة من المهاجرين، ومن أشراف قريش ومن مشاهيرهم، وليسوا كلهم من أهل البيت الذين اصطلح الرافضة على أنهم أهل البيت، إذ للرافضة اصطلاح خاص بأهل البيت غير ما هو مقرر عند أهل السنة، فنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلا - عندهم لسن من أهل البيت، وعمه العباس اسم> وذريته عندهم ليسوا من أهل البيت، مع أن العباس اسم> أقرب من علي اسم> وكذلك جعفر اسم> وذريته ليسوا من أهل البيت، فأهل البيت عندهم فقط علي اسم> والحسن اسم> والحسين اسم> وذريتهما.
والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهؤلاء العشرة بالجنّة؛ الأربعة الخلفاء والستة الباقون منهم، وقد نظمهم ابن أبي داود اسم> في قصيدته المشهورة في قوله:
سعيدٌ اسم> وسعدٌ اسم> وابن عوفٍ اسم> وطلحةٌ اسم> | وعامـرُ فهـر اسم> والزبيـر اسم> الممـدَّحُ |
يعني هؤلاء الستة:
فسعيد: هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل وهو راوي الحديث.
وسعد: هو ابن أبي وقاص الزهري من بني زهرة، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم.
وعبد الرحمن بن عوف اسم> وهو أيضًا من بني زهرة من أخوال النبي صلى الله عليه وسلم.
وطلحة: هو ابن عبيد الله اسم> من بني تيم الذين منهم أبو بكر اسم> رضي الله عنه.
والزبير: هو ابن العوام اسم> من بني أسد بن عبد العزى بن عبد مناف.
وأما عامر: فهو أبو عبيدة بن الجراح اسم> من بني فهر.
وهؤلاء من المهاجرين، ومن أشراف قريش ومن المسلمين قديمًا، شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم في الجنّة، ومعلوم أنه لا يشهد لهم إلا وقد أطلعه الله بأنهم يموتون على الإسلام وعلى السنة، وأنهم يدخلون الجنّة.
ولو كانوا ارتدوا -كما تقول الرافضة - لم يشهد لهم بالجنّة، فالرافضة تدعي أنهم ارتدوا بردهم عليًّا اسم> - كما يقولون - عن حقه الذي هو الولاية، وتدعي أنهم أعداء ألدَّاء لعلي، ثم بعد ذلك تحكم على كل من والاهم بأنه كافر؛ لأنه بزعمهم لا يمكن أن يحب عليًّا اسم> .
وعند الرافضة أنه: لا ولاء إلا ببراء، يقولون: لا يمكن أن نتولى عليًّا اسم> إلا بعد أن نتبرأ من أبي بكر اسم> وعمر اسم> وعثمان اسم> وسعد اسم> وسعيد اسم> وسائر الصحابة، فإذا توليت هؤلاء فقد آذيت عليًّا اسم> فأبو بكر اسم> عندهم طلب الخلافة واستبدّ بها، وأخذها من صاحبها فلذلك ضللوه وكفروه، وعمر اسم> كذلك أيضًا أخذ الخلافة بعد أبي بكر اسم> وهي ليست له، وعثمان اسم> أخذ الخلافة وهي ليست له، حتى إني قرأت لبعض المتأخرين أنه يمتدح بأن شيعتنا وأنصارنا هم الذين ثاروا على عثمان اسم> وقتلوه، وردوا الأمر إلى أهله، يعني إلى عليًّا اسم> وهو أحق بالخلافة.
أما عبد الرحمن اسم> - فيقولون: إنه الذي أخذ البيعة لعثمان، فيحكمون بأنه مرتد، أما طلحة اسم> والزبير اسم> ؛ فيدعون أنهما قاتلا عليًّا اسم> في وقعة الجمل ، والحق أنه عندما قُتل عثمان اسم> كان هؤلاء بمكة اسم> فذهبوا إلى العراق اسم> ليدركوا قتلة عثمان اسم> ولكن أدركهم علي اسم> فحصلت وقعة الجمل، فقتل فيها طلحة اسم> والزبير اسم> .
فكل واحد من هؤلاء يطعنون فيه طعنًا، ويدعون فيه دعوى، وأهل السنة يشهدون لهم بالجنّة بسابقتهم وفضلهم، وكذلك بموجب هجرتهم، وبموجب شهادة النبي صلى الله عليه وسلم، وكفى بها شهادة، ولا يعتبرون بكلام من أخل بحقهم أو طعن فيهم.
مسألة>