الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
الشهادة لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة
وهكذا أيضًا نشهد لكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنّة رأس> كقوله: رسم> الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة متن_ح> رسم> ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانا طفلين صغيرين ، توفي وهما دون العاشرة، ولكن يبعثون يوم القيامة مع سائر الأمة في سن الشباب، وشهد لهما بأنهما سيدا شباب أهل الجنّة، وشهد لأمهما فاطمة اسم> أنها سيدة نساء أهل الجنّة، فنشهد لهما بذلك، ونشهد لأمهما بأنها من أهل الجنّة.
أما قصة ثابت بن قيس اسم> فإنه كان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعلن أمرًا من الأمور أو يتكلم بأمر من الأمور أمره بأن يخطب ويضمن خطبته ذلك المعنى، وكان جهوري الصوت، فلما نزل قول الله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ قرآن> رسم> (الحجرات:2) آية> خاف أن تكون هذه الآية تنطبق عليه لأنه كان يرفع صوته؛ وكان جهوريًّا ، فجلس يبكي في بيته يومين أو ثلاثة، فافتقده النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه، فذكروا له مقالته أنه يقول : إني أرفع صوتي وإني خشيت أن يكون حبط عملي وإني من أهل النار، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه ليقول له: رسم> إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنّة، متن_ح> رسم> وكانت خاتمته أنه قتل شهيدًا في وقعة اليمامة اسم> في قتال مسيلمة اسم> فصدق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنّة.
أما غيره ممن شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنّة فكثير، فمنهم بلال اسم> الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم له: رسم> إني سمعت دف نعليك في الجنّة متن_ح> رسم> وسأله عن أرجى عمله، فهذه أيضًا شهادة لبلال اسم> بأنه من أهل الجنة.
وكذلك عكاشة بن محصن اسم> لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم سبعين الألف الذين يدخلون الجنّة بغير حساب، رسم> فقال عكاشة: ادع الله يا رسول الله أن أكون منهم, فقال: اللهم اجعله منهم متن_ح> رسم> وقتل عكاشة اسم> في قتال بني أسد الذين ارتدوا، وكان هو من بني أسد، قتل شهيدًا فانطبق عليه أنه من الذين قتلوا في سبيل الله.
وغيرهم كثير، ومن أشهرهم عبد الله بن سلام اسم> الذي كان من اليهود فأسلم في أول الهجرة، وفي حديث سعد بن أبي وقاص اسم> ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> يطلع رجل يأكل من هذه القصعة من أهل الجنّة ... فجاء عبد الله بن سلام متن_ح> رسم> ثم إن كل من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه من أهل الجنّة فإنا نشهد له بذلك.
قوله:
( ولا نجزم لأحد مِن أهل القبلة بجنة ولا نار إلا مَن جزم له الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنا نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل. )
شرح:
هذا من جملة العقيدة، يدخلون هذا في أسماء الإيمان والدين، وقد تقدم الكلام على الإيمان، وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد؛ قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، وأن المؤمنين الذين يدينون بهذا الإيمان نشهد لهم بالإيمان ولو عملوا ما عملوا من المعاصي ، فلا نخرجهم من الإيمان، ولكن لا نشهد لهم بالجنّة، لا نشهد لأحد معين بالجنّة إلا من شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ثبت ذلك منه، فقد تقدم ذكر من شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم كثير.
ذكر الشيخ ابن سلمان اسم> في شرح الواسطية (الكواشف الجلية) أكثر من خمسين ممن وردت فيهم أحاديث تبشرهم بالجنة -وإن كان بعضها فيه ضعف، فنحن لا نشهد لأحد بالجنة إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن نرجو للمحسنين، فإذا رأينا أهل الإحسان، وأهل الإيمان والتقى، وأهل الخير والصلاح، وأهل الاستقامة، وأهل العقيدة السلفية السليمة، وأهل الأعمال الصالحة قلنا: نرجو أن هؤلاء من أهل الجنّة، وأن الله لا يشقيهم ولا يحرمهم أجر ثوابهم ، فالله تعالى قد وعد - وهو لا يخلف الميعاد - بأنه يدخل الجنة أهل الأعمال الصالحة في عدة آيات، كما في قوله تعالى : رسم> وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ قرآن> رسم> (البقرة:82) آية> وفي قوله تعالى: رسم> سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ قرآن> رسم> (الحديد:21) آية> .
وقد مر بنا بعض من تلك الأدلة، كحديث ابن مسعود اسم> المشهور وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> فوالذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها متن_ح> رسم> وذكر مثل ذلك في عمل أهل النار، وأنه يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ، فالأعمال بالخواتيم، وهذا هو الذي يحملنا على أننا لا نجزم لمعيّن، ولكن من عرفنا أنه مات على الإسلام، وأنه ممن ختم الله له خاتمة حسنة فإننا نرجو له.
وكذلك أيضًا الصحابة الذين مدحهم الله تعالى؛ نثني عليهم ونمدحهم كما مدحهم الله؛ قال الله تعالى رسم> لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قرآن> رسم> (الفتح:18) آية> فهذا فيه أنه رضي عنهم، وهو سبحانه لا يرضى عن القوم الفاسقين، لا بد أنه رضي أقوالهم وعلم ما في قلوبهم وأنهم قد فازوا بهذه الميزة.
مسألة>