تفاسير سور من القرآن
معنى مادة كتب في اللغة
...............................................................................
وأصل مادة الكاف والتاء والباء كتب؛ أصل هذه المادة في لغة العرب التي نزل بها القرآن -معناها الضم والجمع، فكل شيء ضممت بعض أجزائه إلى بعض فقد كتبته. ومنه قيل للكبكبة من الجيش كتيبة؛ لأنها طائفة من الجيش جمع بعض أطرافها إلى بعض كما قال نابغة ذبيان اسم>
ولا خير فيهم غير أن سيـوفهـم | بهن فلـول مـن قـراع الكتـائب |
وفي لغة الحريري اسم> في مقاماته :
وكاتبين ومـا خـطت أنـاملهـم | حرفا ولا قرأوا ما خـط في الكـتب |
ولذا تسمي العرب الخرزة الذي يجمع السير وجهيها تسميها كتبة، وتسمي السير أيضا الذي يجمعها كتبة، فعلة من الكتب بمعنى الضم والجمع. ومن هذا المعنى: هو تسمية الخرزة التي يجمع السير طرف وجهيها في خياطة الجلود أنها تسمى كتبة، وتجمع على كتب بضم الكاف وفتح التاء.
من هذا المعنى قول غيلان ذي الرمة اسم>
ما بال عينيك منها الماء ينسكـب | كأنه مـن كــلى مفريـة سـرب |
وفراء غرفية أثـأى خـوارزهـا | مشلشل ضيعتـه بينـهـا الـكـتب |
وكان يقول الشاعر يهجو بني فزارة من قبائل ذبيان من قيس عيلان بن مضر اسم> كانت العرب تعيرهم بأنهم يفعلون الفاحشة مع إناث الإبل وكان الشاعر يقول:
لا تأمـنن فـزاريا خلـوت بــه | على قـلـوصـك واكتبـهـا بأسيار |
وقصدنا بهذا الكلام الخبيث بيان لغة العرب لا المعاني الخسيسة التافهة؛ لأن معاني لغة العرب يستفاد منها ما يعين على فهم كتاب الله وسنة رسوله، وإن كان مفرغا في معاني خسيسة تافهة، فنحن نقصد مطلق اللغة لا المعاني التافهة التي هي تابعة لها.
إذا عرفتم هذا فالكتابة مصدر.. سميت كتابة؛ لأن الكاتب يضم حرفا إلى حرف ويجمع حرفا مع آخر، وحرفا مع آخر حتى تحصل من هذا نقوش وحروف تدل على معاني الكلام، ولهذا سمي الكتاب كتابا.
وقوله: رسم> كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ قرآن> رسم> الجملة الفعلية في قوله: رسم> أُنْزِلَ إِلَيْكَ قرآن> رسم> في محل النعت لقوله: رسم> كِتَابٌ قرآن> رسم> ؛ لأن النكرات تنعت بالجمل، ويربط بينها وبين النكرة بالضمير كما هو معروف.
وفاعل الإنزال محذوف، والأصل: أنزله الله إليك وإنما حذف الفاعل اختصارا؛ لأن من المعلوم أن هذا القرآن العظيم والمعجز الجامع لكل خير الشامل لعلوم الأولين والآخرين -ليس هناك من يقدر على إنزاله إلا خالق السماوات والأرض.
فلما كان المنزل معلوما كان هذا الاختصار والإيجاز واقعا موقعه؛ لأن الفاعل معروف فلو حذف لما ضر حذفه؛ لذا قال: رسم> كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ قرآن> رسم> ؛ أي أنزله الله إليك. فقد أنزله الله إليه أنجما منجمة في حوالي ثلاث وعشرين سنة.
مسألة>