تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله تعالى: أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يقول الله جل وعلا: رسم> أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون قرآن> رسم> .
هذه الآية التي هي قوله: رسم> أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ قرآن> رسم> -فسرناها أمس لأنها اتفق فيها قول نوح اسم> وقول هود اسم> فكل منهما قالها لقومه؛ لأن كلا من قومهما عجبوا من أن يبعث الله بشرا.
وكذلك عادة الأمم أن تعجب من بعث الرسل، ويقولون: لا يمكن أن يبعث الله رسولا يأكل ويشرب ويتزوج ويولد له، حتى إن الله جل وعلا بين أن هذه الشبهة الكاذبة كانت هي المانع الأكبر من إيمان الناس؛ حيث قال: رسم> وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا قرآن> رسم> كأنه قال هنا: ما منعهم من الإيمان إلا استغراب بعض البشر واستعجابهم منه.
كما أن الذين بعث فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم عجبوا من بعث البشر، كما قال تعالى في أول سورة يونس: رسم> أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ قرآن> رسم> وقال في أول سورة ق: رسم> بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ قرآن> رسم> والآيات في مثل ذلك كثيرة.
وقد بينا أن أظهر الوجهين في قوله: رسم> أَوَعَجِبْتُمْ قرآن> رسم> أن الهمزة تتعلق بمحذوف، والواو مفتوحة، لأنها عاطفة على ذلك المحذوف، وتقديره: أكفرتم وعجبتم أن يأتيكم ذكر من ربكم على رجل منكم.
وقد فسرنا الآية بالأمس، وبينا أن الذكر هو المواعظ والأوامر والنواهي التي تأتيهم بها الرسل، وأن قوله: رسم> عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ قرآن> رسم> على لسان رسم> رَجُلٍ مِنْكُمْ قرآن> رسم> ؛ لأن أنبياء الله رجال كما قال تعالى: رسم> وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا قرآن> رسم> فلم يرسل الله امرأة قط؛ ولذا قال: رسم> عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ قرآن> رسم> كما أوضحناه بالأمس في مقاولة نوح اسم> وقومه.
مسألة>