تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
تفاسير سور من القرآن
72049 مشاهدة
تفسير قوله نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ

...............................................................................


نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ في هاتين الكلمتين بضميمة إحداهما إلى أخرى أربع قراءات سبعيات كلها صحيحة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقرأه نافع وحده من السبعة وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا تُغْفَرْ لَكُمْ خَطِيئَاتُكُمْ، بضم تاء تغفر وفتح الفاء مبنيا للمفعول.
وخَطِيئَاتُكُمْ هو جمع مؤنث سالم هو نائب فاعل تغفر. وهذه قراءة نافع وحده.
وقرأه الشامي أعني ابن عامر وحده من السبعة: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا تُغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَتُكُمْ. قراءة ابن عامر كقراءة نافع إلا أن نافعا قال: خَطِيئَاتُكُمْ بالجمع، وابن عامر قرأ خَطِيئَتُكُمْ بالإفراد، واكتسبت العموم من إضافتها إلى الضمير.
وقرأ أبو عمرو وحده: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ. لنغفر بنون العظمة وخَطَايَاكُمْ جمع تكسير. وقرأ الباقون من السبعة وهم ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ بكسر التاء جمعا مؤنثا سالما والكسرة علامة النصب.
هذه القراءات في الآية الصحيحة ومعناها شيء واحد كما ترون؛ وهذا معنى قوله.الغفران في لغة العرب هو الستر والتغطية، والخطايا والخطيئات جمع خطيئة وهي الذنب العظيم الذي يستحق صاحبه النكال. يقال لها: خطيئة وخطء، ومنه قوله: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ويقال للمرتكبها عمدا: خاطئ، ومنها قوله: نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ .
وقوله: وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ فالخاطئ بصورة الفاعل إنما هو على مرتكب الخطيئة عمدا. أما مرتكب الذنب غير عامد فهو المسمى بالمخطئ؛ فلا يقال له: خاطئ؛ كما هو معلوم.
وعلى قراءة نَغْفِرْ ؛ فصيغة الجمع للتعظيم، عظم الله جل وعلا نفسه؛ وهذا معنى قوله: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ .