إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تفاسير سور من القرآن
74063 مشاهدة
تفسير قوله: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

...............................................................................


كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ أي وقلنا لهم: كُلُوا هذا أمر إباحة.
وفيه ثلاثة أفعال في اللغة العربية مبدوءة بالهمزة يجوز حذف همزتها في الأمر، ولا نظير لها وهي أخذ وأمر وأكل. نقول في الأمر منها: خذ، مر، كل بقياس مطرد. إلا أن أمر إذا كان قبلها واو قبل الهمزة واو أو فاء كان إثبات الهمزة في الأمر أفصح، ومنه قوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ فإن لم يكن قبلها واو ولا فاء فإسقاط الهمزة في الأمر أفصح؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - مرهم بالصلاة لسبع مره فليراجعها ونحو ذلك.
وهذا معنى قوله: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ كهذا الطائر الذي هو السمانى، وهذه الفاكهة العظيمة التي هي الْمَنَّ أو غير ذلك على أنه أعم من الطرنجبين. والطيب هنا شامل طيب الإباحة، وطيب اللذاذة؛ لأن الطيب يطلق إطلاقين.
يطلق طيبا من جهة الإباحة وعدم الشبهة، ويطلق طيبا من جهة اللذاذة وحسن المأكل، وهو جامع لهما هنا في قوله: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .
فهؤلاء اليهود لما أنعم الله عليهم هذه النعم وخالفوا، ادخروا من الْمَنَّ وَالسَّلْوَى و هم منهيون عن الادخار. وسيأتي ما بدلوا من القول والفعل ما سلط الله عليهم بسببه من العذاب. قال الله إن مخالفاتهم عند الإنعام عليهم، ومقابلاتهم إنعام الله بمعاصيه أنهم ما ظلموا الله في ذلك، وما ظلموا إلا أنفسهم؛ أي وَمَا ظَلَمُونَا ؛ بمقابلتهم إنعامنا بالمعاصي، وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .
قوله: وَمَا ظَلَمُونَا ؛ هو نص صريح على أن نفى الفعل لا يدل على إمكانه؛ لأن الله نفى ظلمهم له، ونفيه جل وعلا ظلمهم له لا يدل على إمكان ذلك. سبحانه عن ذلك علوا كبيرا.
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ قدم المفعول لأجل الاختصاص أي لا يظلمون بذلك إلا أنفسهم.
ونرجو الله جل وعلا أن يوفقنا لما يرضيه، وأن يرفق بنا فلا نظلم أنفسنا ولا نظلم أحدا. اللهم وفقنا حتى لا نظلم أنفسنا، ولا نظلم أحدا من خلقك. ربنا آتنا في الدنيا....