(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
تفسير سورة الكهف
38740 مشاهدة print word pdf
line-top
عدد أصحاب الكهف

قوله: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ يمكن أن الذين يقولونه أهل زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- أي: يتخرصون في عددهم؛ فمنهم من يقول: إنهم ثلاثة، ومنهم من يقول: إنهم خمسة، وهذان القولان لا دليل عليهما، وإنما هو رجم بالغيب. أي: تخرُّص وظن لا دليل عليه.
ثم قال: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ هكذا أخبر بأنه سبحانه أعلم بعدتهم. لما لم ينتقد القول الثالث الذي فيه أنهم سبعة وثامنهم كلبهم، لم يقل: رجما بالغيب، انتقد القولين الأولين بقوله: رجما بالغيب، ولم يعترض على القول الثالث؛ استدل به على أنه الصواب، وأن عددهم سبعة وثامنهم كلبهم، ويمكن أنهم أكثر، ويمكن أنهم أقل، وذلك لقوله: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ لا يعلم عدتهم إلا قليل من الناس، والأكثرون لا يعلمونهم، وهم الذين اطلعوا عليهم في ذلك اليوم، والذين قالوا: لنتخذن عليهم مسجدا؛ لأنهم رأوهم رؤية عين، ما يعلمهم إلا قليل.
فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ المماراة: المماحكة والمجادلة إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا أي: لا تسأل عنهم أحدا من الناس، بل: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ أي: فوض أمرهم إلى الله تعالى فهو الذي يعلم عددهم، وهو الذي أَطْلَع عليهم من شاء من عباده.

line-bottom