(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
148721 مشاهدة print word pdf
line-top
انقسام الحيوانات المتحركة إلى قسمين

...............................................................................


أما الحيوانات المتحركة فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم له أجساد وقسم ليس له أجساد وإنما هو أرواح وأنفس؛ هذا القسم الذي هو أرواح لا نشاهدهم, ولا نراهم, يخرقهم بصرنا, نتحقق أنهم موجودون, ولكن يخفون على الأعين, ليس لهم جثمان ولا روح يشاهد، الله تعالى خلقهم كما يشاء أرواح بلا أجساد, فمنهم الجن أرواح بلا أجساد نتحقق وجودهم, جعل الله لهم القدرة على التشكل والقدرة على التصور بصور مختلفة، ولكن خلقتهم الأصلية أنهم أرواح يخرقهم الجسد ولا نراهم يدخلون في الأرض الصمة يغيبون فيها.
وكذلك أيضا إذا سلط الله أحدهم دخل في جسد الإنسان, وسرى في أعضائه وفي لحمه وفي عروقه, وتمكن منه, وإذا انفصل عن جسم الإنسان لم يشاهد ولم ندرِ به، وهو أيضا ليس له ثِقل, لو أن أحدهم دخل في جسم إنسان ذكر أو أنثى ثم خرج منه ما تغير جسم ذلك الإنسان ظاهرا لا يتغير برؤيته, ولا يتغير بثقله أو خفته. بل هو كما هو، وهو مع ذلك يلابسه، وإذا لابسه تغلب على روحه تغلب على روح الإنسان وحياته؛ بحيث أن الألم يقع عليه إذا ضرب؛ فهو دليل على أنهم أرواح لا نحس بهم.
كذلك القسم الثاني: الشياطين هم أيضا أرواح بلا أجساد أي: أعني خلقتهم خفية, لا نراهم ولا نشاهدهم ولا ندري ما حالتهم ولا ما كيفيتهم. لا شك أن هذا دليل على عظمة الذي خلقهم. قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يلابسون الإنسان يقول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم يعني: أنه يتسلط عليه, وينفذ فيه وينفذ في جسده, ويجري من جسده كما يجري الدم في جسده.
الإنسان لو كشط أو جرح إصبعه وُجِدَ فيه دم, أو رأس الإصبع وجد فيه دم, أو وسط الكف أو الذراع أينما جرح وجد فيه دم, هو دليل على أن الشيطان ينفذ في جسد الإنسان, هل تحس به؟ لا تحس به, ولا تشعر به وذلك لخفته لا شك أن هذا من خلق الله تعالى يصل إلى القلب، قال تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ فهو يصل إلى القلب ويوسوس فيه, ويذكّره أشياء. ويدعوه إلى كذا، ويقول: اذكر كذا, اذكر كذا وكذا, فكل ذلك دليل على أن الله تعالى إذا سلطه فإنه ينفذ في جسد الإنسان، ولكن إذا استعاذ منه, وتحصن بذكر الله انخنس؛ ولذلك سماه وسواسا وخناسا.

line-bottom