جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
150434 مشاهدة print word pdf
line-top
حال المؤمن بربه المصدق بقوله

...............................................................................


فإذا رأيت المصدق بالله تعالى رأيته يخافه ويرجوه، رأيته يعبد الله ويجتهد في عبادته ويتقرب إليه بأنواع الطاعات، رأيته يبتعد عما حرمه ربه عليه ويخشى الله تعالى أن يعاقبه؛ وذلك لأنه تحقق صدق خبر الله، تحقق أن ربه تعالى يراه ويطلع عليه في كل الأحوال، وأنه لا يخفى عليه منه خافية، فذلك هو الذي حمله على أن يخاف الله وعلى أن يعبده حق العبادة، وإذا رأيت الذي يقع في المعاصي، ويتساهل في الطاعات ويفرط في أوامر الله سبحانه، ويفعل ما نهاه الله عنه فإنك تعرف ضعف تصديقه، وضعف إيمانه.
حيث أن إيمانه الذي في قلبه لم يكن قويا يحجزه عن الآثام، يحجزه عن المحرمات، يحمله على الطاعات وعلى الاستكثار من الأعمال الصالحة، فضعف تصديقه وضعف إيمانه وضعف ما في قلبه من اليقين، فكان أثر ذلك النقص في الأعمال وكان أثر ذلك فعل السيئات.
هذا أثر من آثار ضعف الإيمان, فنعرف بذلك أن قوة الإيمان تظهر آثارها بكثرة الحسنات والبعد عن السيئات، وأن ضعف الإيمان يظهر أثره بكثرة السيئات وقلة الحسنات، وقد يكون مع العصاة شيء من العمل, قد يكون عندهم عمل وحسنات، ولكنها قليلة وضعيفة بالنسبة إلى غيرهم, وذلك لأن السبب هو ما ذكرنا من قوة الإيمان أو ضعفه.

line-bottom