عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
124238 مشاهدة
حقيقة العين

سؤال: ما حقيقة العين -النضل- قال -تعالى- وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وهل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- صحيح، والذي ما معناه قوله: ثلث ما في القبور من العين وإذا شك الإنسان في حسد أحدهم فماذا يجب على المسلم فعله ؟ وقوله: وهل في أخذ غسال الناضل للمنضول ما يشفي؟ وهل يشربه أو يغتسل به؟
الجواب: العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين، وقد أمر الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بالاستعاذة من الحاسد فقال -تعالى- وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ .
فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا، فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية عليه أثرت فيه، وإن صادفته حذرًا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها، من زاد المعاد بتصرف.
وقد ثبتت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإصابة بالعين، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني أن أسترقي من العين وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا وأخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه عن أسماء بنت عميس أنها قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين؛ أفنسترقي لهم? قال: نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وروى أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين .
وأخرج الإمام أحمد ومالك والنسائي وابن حبان وصححه عن سهل بن حنيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة -أحد بني عدي بن كعب- وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل فأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: هل تتهمون فيه من أحد? قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامرًا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه! هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت. ثم قال له: اغتسل له فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .
فالجمهور من العلماء على إثبات الإصابة بالعين؛ للأحاديث المذكورة وغيرها، ولما هو مشاهد وواقع، وأما الحديث الذي ذكرته: ثلث ما في القبور من العين فلا نعلم صحته، ولكن ذكر صاحب نيل الأوطار أن البزار أخرج بسند حسن عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس ؛ يعني: بالعين.
ويجب على المسلم أن يحصن نفسه من الشياطين من مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله، واعتماده وتوكله عليه ولجئه، وضراعته إليه، والتعوذات النبوية، وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومن التعوذات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق و أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون وقوله -تعالى- حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ونحو ذلك من الأدعية الشرعية، وهذا هو معنى كلام ابن القيم المذكور في أول الجواب.
وإذا علم أن إنسانًا أصابه بعينه، أو شك في إصابته بعين أحد، فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه، فيحضر له إناء به ماء؛ فيدخل كفه فيه فيتمضمض، ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل إزاره، ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة؛ فيبرأ بإذن الله.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .