تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا
هذا معطوف على قوله: رسم> لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ قرآن> رسم> وتقدير المعنى: والله لقد أرسلنا نوحا اسم> إلى قومه، وقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا اسم> وهذه الأمم يقص الله خبرها على هذه الأمة لتستفيد من ذلك فوائد عظيمة رسم> لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ قرآن> رسم> فيخاف ....
... والآداب وآداب الدعاة إلى الله في لينهم وعطفهم، ولين كلامهم وكرم مخاطبتهم، وعدم بذاءتهم وكلامهم بكلام جاهلي. هذا نبي الله نوح اسم> لما قالوا له: رسم> إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قرآن> رسم> هو يعلم أنهم هم الضالون، وأنه هو المهتدي، والذي يعيبك ويلمزك بعيب أنت تعلم أنه فيه هو، وأنك أنت برئ منه، هذا مما يستدعي الغضب، والكلام الشديد، والرد العنيف.
فنبي الله نوح اسم> لم يقل لهم شيئا من ذلك، ولم يرد عليهم ردا عنيفا، وإنما رد بأكرم العبارة وألطف الرد، وقال: رسم> يَا قَوْم لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> ؛ فلم يقل: أنتم هم الكفرة الفجرة الضلال، ولم يقذع فيهم بلسانه بل بالعبارات اللطيفة اللينة.
وهذا تعليم من الله لخلقه أن الداعي المتبع لآثار الرسل إذا قابله الجهلة ببذاءة اللسان، وعابوه وتكلموا له بالقبيح أنه لا يقابلهم إلا بالقول اللين اللطيف، والحكمة والموعظة الحسنة، كما هي عادة الرسل بخطاباتهم لأممهم.
وقوله: رسم> وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قرآن> رسم> والله لقد أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا اسم> عاد قبيلة عظيمة، والمؤرخون يقولون: إن عاد بن إرم بن عوس اسم> وهو من ذرية سام بن نوح اسم> بلا خلاف بين المؤرخين. ويزعمون أن قبيلة عاد كانوا أعظم الناس أجساما. يزعم أهل القصص والأخبار أن أقصرهم قامته ستون ذراعا، وأن الواحد منهم يكون مائة ذراع.
وعلى كل حال فهم من أشد الناس قوة، كما قال الله عنهم: رسم> وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً قرآن> رسم> وهم قبيلة إرم المذكورة في القرآن؛ لأن عاد بن إرم اسم> وقيل عوس بن إرم اسم> فهو من أولاد إرم اسم> .
وإرم اسم> اسم رجل تسمى به القبيلة، وعاد من ذريته، ولذا قال: رسم> أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ قرآن> رسم> ثم أبدل منها، فقال: رسم> إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَاد الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ قرآن> رسم> قوله: رسم> لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ قرآن> رسم> يدل على عظمة أبدانهم، وشدة طولهم وبدانتهم وقوتهم كما هو معروف؛ ولذا قال: أرسل الله إلى هذه القبيلة العاتية الشديدة القوى والبطش أرسل إليهم أخاهم هودا اسم> عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وكان نبي الله هود اسم> عربي اللسان، وإنما منع من الصرف، قال بعضهم: لأنه عربي، والعجمي إذا كان علما على ثلاثة حروف وسطها ساكن يكون مصروفا، كما هو معروف، كما صرف نوح اسم> ولوط اسم> وهما علمان أعجميان، كما هو معروف.
يزعمون أن هود بن عبد الله بن رباح اسم> من ذرية إرم بن سام بن نوح اسم> هو من نفس القبيلة، كما قال: رسم> أَخَاهُمْ هُودًا قرآن> رسم> خلافا لمن زعم أن أصله ليس منهم، وأن أخاهم صاحبهم، والتحقيق أنه منهم، وأنه أخوهم ومن قبيلتهم، كما يأتي في قوله: رسم> أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ قرآن> رسم> فبين أنه منهم، ولذا قال هنا: رسم> أَخَاهُمْ هُودًا قرآن> رسم> بعث الله إليهم نبيه هودا اسم> .
وصرح الله في سورة الأحقاف بأن منازلهم في الأحقاف، والأحقاف جمع الحقف، والحقف حبل الرمل، وهم يزعمون أنها حبال الرمل التي في أطراف اليمن اسم> أو حضرموت اسم> كانوا إلى تلك الجهة، كما يأتي في قوله: رسم> إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ قرآن> رسم> .
والأحقاف جمع الحقف، والحقف هو الحبل الممتد المعتلى عليه من الرمل، فهم في رمال هناك، كانت منازلهم في رمال تتخللها أودية في نواحي اليمن اسم> أو حضرموت اسم> كما يأتي في سورة الأحقاف.
مسألة>