إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
تفاسير سور من القرآن
99000 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: قَالَ يَا قَوْم لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

...............................................................................


فقابلهم هود بهذا الرد الكريم اللطيف، والتأني الكريم والتؤدة العظيمة، و قَالَ يَا قَوْم لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ليس بي شيء من طيش العقل ولا خفته، وإنما أنا راجح العقل ثابته، ثابت الحلم لست بطائش ولا خفيف وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَسُولٌ مرسل إليكم مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
قد بينا فيما مضى أن الرسول فعول بمعنى مفعل، أي مرسل مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أرسلني إليكم. وأن أصل الرسول مصدر سمي به، وإتيان المصدر على وزن فعول قليل جدا في العربية مسموع في أوزان قليلة؛ كالقبول والولوع والرسول. وأصل الرسول مصدر بمعنى الرسالة، وهو مشهور في كلام العرب. ومنه قول الشاعر:
لقد كذب الواشون ما فهت عندهـم
بقول ولا أرسلتهــم برســـول
يعني ما أرسلتهم برسالة.
وقول الآخر:
ألا أبلغ بـني عمــرو رســولا
بأني عــن فتوحـاتكم غــنـي
أي بني عمرو رسولا؛ أي رسالة، وهذا معروف في كلام العرب.
ومن فوائد كون الرسول أصله مصدر تحل إشكالات في القرآن؛ لأن العرب إذا نعتت بالمصدر ألزمته الإفراد والتذكير، وربما تناست المصدرية فيه، وعملت بالوصفية العارضة فجمعته وثنته؛ ولذا جاء الرسول مفردا في القرآن والمراد به اثنان، وجاء مفردا في كلام العرب والمراد به جمع نظرا إلى أن أصله مصدر.
فإذا قال لك قائل: الله يقول: ... فنقلته من المصدرية فجعلته وصفا؛ ولأجل كون أصله مصدرا تطلقه العرب مفردا، وتريد به الجمع على عادة النعت بالمصادر، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي
أبكي إليهـا وخــير الرســول
أعلمهـم بنـواحـــي الخـــبر
وقوله: أعلمهم رد الجمع على الرسول مفردا؛ نظرا إلى أن أصله مصدر، وهذا معنى قوله: وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

line-bottom