تفاسير سور من القرآن
تفسير قوله: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا
رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا قرآن> رسم> الضمير في رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ قرآن> رسم> عائد إلى قوم موسى. وقوله: رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ قرآن> رسم> فيه وجهان معروفان من التفسير، وبحسبهما يكون القولان في إعراب قوله: رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> قال بعض العلماء: رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ قرآن> رسم> ؛ أي صيرناهم قطعا، وعلى هذا فقطعنا تطلب مفعولين لتضمينها معنى صيرنا؛ فمفعولها الأول هو الضمير رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ قرآن> رسم> ومفعولها الثاني: رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> أي صيرناهم رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> فرقة.
وقال بعض العلماء: رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ قرآن> رسم> ؛ معناه فرقناهم وميزنا بعضهم عن بعض لأنهم أبناء اثني عشر رجلا، وكل رجل صار من نسله قبيلة. والسبط في أولاد إسحاق بمعنى القبائل في أولاد إسماعيل؛ فيعقوب اسم> عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كان له اثنا عشر ابنا، كل ابن منهم ولد له نسل؛ فصار كل ابن منهم قبيلة. والقبائل عندهم تسمى أسباطا؛ فالأسباط في ذرية إسحاق اسم> بمعنى القبائل في ذرية إسماعيل اسم> .
والمفسرون يذكرون أسماء هؤلاء الأسباط الذين تفرعت منهم القبائل، ذكرها إنما هو عن طريق الإسرائيليات؛ ولذا اختلفوا فيها. منهم من يقول هم رويبيل اسم> وشمعون اسم> ويهوذا اسم> وربالون اسم> ويشجر اسم> ودان اسم> و.. ، وحات اسم> وعيشر اسم> ويوسف اسم> وشقيقه بنيامين اسم> .
ومنهم من يذكر غير ذلك؛ ولا طريق صحيحة تثبت ذلك، إلا أن الأظهر أن هؤلاء الاثنتي عشرة، أن كل واحدة منهم من سبط من أولاد يعقوب اسم> ؛ كما تقدم في قوله: رسم> وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا قرآن> رسم> ؛ لأن كل سبط من هذه الأسباط بعث الله موسى اسم> فيه نقيبا سيدا يتفقد شئونه وأحواله؛ لتكون تلك الرجال الاثني عشر يطلعون موسى اسم> على سرائر قومهم، فيهون عليه الإصلاح من شئونهم.
ولذا قال هنا: رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا قرآن> رسم> فعلى أن قطعنا بمعنى صيرنا فاثنتي عشرة ؛ هو المفعول الثاني، وعلى أن قطعنا بمعنى ميزنا بعضهم عن بعض وفرقنا بعضهم عن بعض؛ لنجعل على كل فرقة منهم نقيبا فقوله: رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> حال، هي حال جامدة مؤولة؛ أي ميزناهم وفرقناهم في حال كونهم بالغين هذا العدد الذي هو اثنتا عشرة.
واختلف العلماء في مميز رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> فظاهر القرآن أن مميزه رسم> أَسْبَاطًا قرآن> رسم> ولكن المعروف في لغة العرب أن العدد كله من الثلاثة إلى العشرة يميز بالجمع مضافا إليه العدد، أما غيره من الأعداد فإنه يميز بالمفرد. فالتمييز المطابق للعربية المعروفة لو قيل قطعناهم اثنتي عشرة سبطا.
وذهب بعض العلماء في الجواب عن هذا إلى أن الأسباط هنا جمع سبط مضمن معنى القبيلة، وأن الأسباط القبيلة تكون فيها أسباط كثيرة؛ وعليه فالمعنى قطعناهم اثنتي عشرة قبيلة فالأسباط بمعنى القبيلة. وهذا مردود لما ذكرنا من أن الأسباط في ذرية إسحاق اسم> بمعنى القبائل في ذرية إسماعيل اسم> .
والذي اختاره غير واحد من المحققين أن المميز محذوف دل المقام عليه وقطعناهم اثنتي عشر فرقة وقوله: رسم> أَسْبَاطًا قرآن> رسم> بدل من رسم> اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قرآن> رسم> وهما بدل بعد بدل على الصواب. ولا مانع من إتيان البدل بعد البدل كما هو معروف في علم العربية. وقد وجد في كلام العرب وهذا معنى قوله: رسم> وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا قرآن> رسم> .
كل سبط منهم أمة أي خلق وقبيلة كثيرة كثيفة العدد. رسم> وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى قرآن> رسم> ذكر جل وعلا هنا بعض ما أنعم الله به على الإسرائيليين في التيه. يذكر الموجودين منهم زمن نبينا نعمه عليهم، ويذكرهم أيضا كثرة ما هم فيه من الخلاف، وعدم طاعة الله ورسله.
لأن سبب هذا التيه أن الله لما أنجى موسى اسم> وقومه من فرعون اسم> وفلق لهم البحر، وأمرهم بقتال الجبارين -أصابهم الجبن الذي قدمنا شرحه في سورة المائدة، وقالوا لنبيهم موسى اسم> رسم> لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ قرآن> رسم> .
فأصابهم الجبن والخوف فقال موسى اسم> رسم> رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قرآن> رسم> فضرب الله عليهم التيه أربعين سنة رسم> قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ قرآن> رسم> يصبحون حيث أمسوا، فإذا مشوا النهار كله أصبحوا من حيث كانوا أمس. الله ضرب عليهم هذا التيه.
وأصحاب الأخبار والتاريخ مطبقون على أن موسى اسم> وهارون اسم> عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام توفيا في التيه. ثم صار الخليفة بعد موسى اسم> يوشع بن نون بن إفراييم بن يوسف اسم> عليهم السلام. هو الذي فتح الله على يديه كما سيأتي هنا، وتقدم في سورة البقرة.
مسألة>