القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
140360 مشاهدة print word pdf
line-top
عقاب مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ

ولكن قد يقال: إنه أَخَفُّ عذابا من الذين عرفوا وتحققوا, ثم مع ذلك خالفوا ما يقولون، وعملوا بخلاف ما يدعون إليه. دعوا الناس إلى الدين, ولكنهم لم يعملوا، دعوهم إلى فرائض الإسلام فلم يفعلوها، دعوهم إلى الفضائل فلم يطبّقوا، نهوهم عن المحرمات ولم ينتهوا، ووعيدهم وعيد شديد؛ كما وردت في ذلك الأدلة مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ يمقتهم الله تعالى على أنهم يقولون ولا يفعلون، يأمرون الناس ولكنهم لا يفعلون, ولا يمتثلون, فيستحقون بذلك العقوبة من الله.
كذلك ورد الحديث المشهور في الصحيح عن أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يجاء بالرجل فيلقى في جهنم فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! فيقول: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه .
هذا وعيد شديد؛ أنه يعذب أشد عذابا من الذين كانوا يسمعون كلامه ولكنهم لم يقبلوه، فعرفنا بذلك أن العمل هو الثمرة المطلوبة من هذا العلم، فنحن نتعلم, يتعلم الإنسان من حين يعرف, ويفهم مِنْ أن كان عمره خمس سنين, أو نحوها وهو يتعلم، ويتزود من العلم. ولكن ينظر في نتيجة هذا العلم، نتيجته هي: التطبيق والعمل, إنها هي الثمرة المطلوبة؛ ولذلك يقولون: ثمرة العلم العمل، ويقول بعضهم: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
فإذا تعلمت واستفدت, ثم عملت بذلك, وطبقت ما تعلمته, فأنت من الذين انتفعوا بعلمهم وبعملهم, فيكون العلم والقرآن حُجَّةً لك، ويكون عملك صوابا أي: موافقا للسنة, موافقا للشريعة التي أنت مكلف بها, فيكون مقبولا، وأما مَنْ يتعلم ولا يعمل, أو يعرض عن التعلم, وعن العمل, أو يتخبط في العمل, ويعمل على جهل, فكلهم هالكون.

line-bottom