شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
قبض الأرواح
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين قال: رحمه الله تعالى: قال: حدثنا علي اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا ابن مهدي اسم> قال: أخبرنا سفيان الثوري اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى رسم> وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قرآن> رسم> قال: الموت.
قال: حدثنا علي اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> قال: حدثنا وهب بن جرير اسم> قال: حدثنا شعبة اسم> عن الحكم اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى في قوله: رسم> إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ قرآن> رسم> قال: الموت.
قال: حدثنا أحمد بن عمر اسم> قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد اسم> قال: حدثنا أبو حاتم اسم> قال: حدثنا هشام بن عمار اسم> قال: حدثنا الوليد اسم> قال: قال زهير بن محمد اسم> رحمه الله تعالى: رسم> فِي مَقَامٍ أَمِينٍ قرآن> رسم> قال: أمنوا فيه من الموت.
قال: وحدثنا فضيل بن عبد الوهاب اسم> قال: حدثنا النضر بن إسماعيل اسم> رحمه الله في قوله تعالى: رسم> كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا قرآن> رسم> قال: لا يموتون.
قال: وحدثنا فضيل اسم> قال: حدثنا عبد الوهاب اسم> عن سعيد اسم> عن قتادة اسم> رحمه الله تعالى رسم> يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ قرآن> رسم> قال: من الموت.
قال: حدثنا يحيى بن عبد الله اسم> عن محمد بن مسلم اسم> عن إبراهيم بن ميسرة اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى قال: ما من أهل بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت صلى الله عليه وسلم يطيف كل يوم مرتين.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع اسم> قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا عبد الصمد اسم> قال: سمعت وهبا اسم> رحمه الله تعالى يقول: إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم فإذا كان يوم كذا توفته ثم قرأ: رسم> وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ قرآن> رسم> إلى آخر الآية وقيل لوهب اسم> رحمه الله تعالى: أليس قد قال الله تعالى: رسم> قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ قرآن> رسم> قال: نعم. إن الملائكة إذا توفوا أنفسنا دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب يعني العشار الذي يؤدي إليه من تحته.
قال: حدثنا الوليد بن أبان اسم> قال: حدثنا محمد بن إدريس اسم> قال: حدثنا عمار بن خالد اسم> قال: حدثنا محمد بن الحسن الواسطي اسم> عن عبد الله بن يونس اسم> قال: سمعت الحكم بن عتيبة اسم> رحمه الله تعالى يقول: الدنيا بين يدي ملك الموت بمنزلة الطست بين يدي الرجل.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو مسعود اسم> قال: حدثنا عبيد الله بن موسى اسم> عن إسرائيل اسم> عن عمار الدهني اسم> عن ابن المثنى الحمصي اسم> رحمه الله تعالى قال: إن الدنيا سهلها وجبالها بين يدي فخذ ملك الموت صلى الله عليه وسلم مثل الطست معه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، وقال غيره: قال عمار اسم> فسألته إذا كانت ملحمة؟ قال: السيف مثل البرق قال: يدعوها فتأتيه.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: قرأت على يحيى بن عبد الملك اسم> قلت حدثكم المقرئ اسم> قال: حدثنا حيوة اسم> أخبرني أبو صخر اسم> عن يزيد الرقاشي اسم> قال: سمعت أنس بن مالك اسم> رحمه الله تعالى: يقول لقي جبريل اسم> ملك الموت عليهما السلام بنهر كذا وكذا فقال الرقاشي اسم> قد رأيت ذلك النهر فقال: كيف تستطيع قبض الأنفس عند الوباء قال: هاهنا عشرة آلاف وهاهنا كذا فقال له ملك الموت: تزوى لي الأرض حتى لإنها بين يدي فأتناول بيدي كذا وكذا.
قال: حدثنا محمد بن سهل اسم> قال: حدثنا الوليد بن سلمة الدمشقي اسم> قال: حدثنا ثور بن يزيد اسم> عن خالد بن معدان اسم> عن معاذ بن جبل اسم> رضي الله عنه قال: إن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب فإذا انقضى أجل عبد من الدنيا ضرب رأسه بتلك الحربة وقال: الآن يزار بك عسكر الأموات.
قال: حدثنا محمد بن سهل اسم> قال: حدثنا سلمة اسم> قال: حدثنا حفص بن عبد الرحمن الهلالي اسم> قال: حدثنا عمرو بن شمر اسم> عن جعفر بن محمد بن علي اسم> عن أبيه رحمه الله تعالى ورضي عنه قال: رسم> دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده من الأنصار، فإذا ملك الموت عليه السلام عند رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال: أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق فاعلمن يا محمد إني لأقبض روح ابن آدم فيصرخ أهله فأقوم في جانب من الدار فأقول: والله ما لي من ذنب وإن لي عودة وعودة، الحذر الحذر وما خلق الله عز وجل من أهل بيت مدر ولا شعر ولا وبر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم فيه في كل يوم وليلة خمس مرات حتى إني لأعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، والله يا محمد اسم> إني لا أقدر أن أقبض روح بعوضة حتى يكون الله تبارك وتعالى الذي يأمر بقبضه رسم> .
قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن الجنيد اسم> قال: حدثنا محمد بن الحسن اسم> عن شعيب بن محرز اسم> قال: حدثنا صالح المري اسم> عن غالب القطان اسم> عن الحسن اسم> رحمه الله تعالى قال: قيل لموسى اسم> صلى الله عليه وسلم: كيف وجدت الموت؟ قال: كسفود أدخل في جوفي له شعب كثيرة تعلق كل شعبة منه بعرق من عروقي ثم انتزع من جوفي نزعا شديدا فقيل له يا ابن عمران اسم> لقد هونا عليك الموت.
قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح اسم> وحدثني أحمد بن خالد اسم> عن محمد بن سلمة الحراني اسم> عن خصيف اسم> عن عكرمة اسم> عن كعب اسم> رحمه الله تعالى قال: إن في بعض الكتب السالفة من كتب شيث بن آدم اسم> أن آدم اسم> قال: يا رب أرني الموت حتى أنظر إليه فأوحى الله عز وجل يا آدم اسم> للموت صفات لا تقوى تنظر إليها لعظيم هولها، وإني أنزل عليك أحسن صفاته لتنظر إليه، فأوحى الله عز وجل إلى ملك الموت عليه السلام أن اهبط على آدم اسم> في صورتك التي تأتي الأنبياء والمصطفين الأخيار فأوحى الله عز وجل إلى جبريل اسم> وإسرافيل اسم> وملك الموت عليهم السلام أن اهبطوا على آدم اسم> وهو جالس بين الجبال، وقد هبط عليه الموت في صورة كبش أملح قد نشر من أجنحته أربعة أجنحة، جناح في الثرى وجناح قد جاوز السماوات وجناح بالمشرق وجناح بالمغرب له صدر أبيض وأحمر وأصفر وأخضر وأسود، وإذا الدنيا بحذافيرها وجبالها وغياضها وبحارها وإنسها وجنها وطيرها وهوامها والخافقين وما حوله والثرى وما حوله إلى المنتهى الذي علمه عند الله تعالى في نقرة صدره كالخردلة الملقاة في أرض فلاة، وله أعين لا يفتحها إلا في موضعها وأجنحة لا ينشرها إلا في موضعها وأجنحة لا ينشرها إلا للأنبياء والمرسلين عليهم السلام وأجنحة لا ينشرها إلا في موضعها.
فأما أجنحة الأولياء وأهل طاعة الله فإنها البشرى التي يبشرون بها في الحياة الدنيا وأما أجنحة الكفار فإنها سفافيد ومقاريض وكلاليب فلما نظر آدم اسم> صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عليه السلام صعق وخر مغشيا عليه فأفاق بعد سبعة أيام يرشح عرقا كان في مجاري عروقه الزعفران فقال: آدم اسم> عليه السلام يا رب ما أشد هذا وأهوله، وهكذا تذوق ذريتي الموت فأوحى الله عز وجل إليه أعظم شأن ذريتك إنما يذوقون الموت على قدر أعمالهم.
يقول الله تعالى: رسم> قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ قرآن> رسم> هكذا أخبر بأنه وكِّل بجنس ذوي الأرواح, يقبضها، قال تعالى: رسم> حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ قرآن> رسم> ويقول الله تعالى: رسم> وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ قرآن> رسم> .
التوفي قد يراد به أخذ الأرواح، الليل يعني في النوم ثم ردها، ويراد به قبض الأرواح بالوفاة الذي هو الخروج من هذه الحياة، وفي حديث قبض الأرواح المشهور عن البراء اسم> رضي الله عنه أخبر بأن ملك الموت يأتي عند رأس الميت قرب موته ولو لم يشعر, ولو كان يمشي, ولو كان سليما، ثم يخاطب روحه فيقول: رسم> اخرجي أيتها الروح الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى روح وريحان, ورب غير غضبان فتخرج روحه كما تسيل القطرة من فم السقاء متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> تسل روحه كما تسل الشعرة من العجين رسم> أي لا يتأثر بها.
وذكر في الكافر أنه يقال له: اخرجي أيتها الروح الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق روحه في جسده وينتزعها منه كما ينتزع السفود من الصوف المبلول؛ السفود هو حديدة لها رءوس متشعبة ملتوية إذا كانت في وسط الصوف وفي وسط الغزل صعب تخليصها منها فلا تنزع منه إلا بعدما تتقطع تلك الشعرات في ذلك الغزل قطعا شديدا، فهكذا هذه الروح في جسد الكافر تتعلق بعروقه وبلحمه وبدمه فلا تخرج إلا بشدة.
قد فسر بذلك أول سورة النازعات رسم> وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا قرآن> رسم> فقيل: إن النازعات أرواح الكفار, تنزع نزعا, والناشطات: نشط أرواح المؤمنين, تنشط أي: تسل ولا يحس بألم فيها. لا شك أن هذا بأمر الله تعالى, ومع ذلك فقد يشدد الموت على بعض الصالحين وتكون الحكمة في ذلك زيادة ثوابه وكثرة حسناته, وتكفير سيئاته.
ورد في حديث رسم> المؤمن يموت بعرق الجبين متن_ح> رسم> قيل: معناه أنه يُشَدَّدُ عليه الموت حتى يعرق جبينه من الألم, ومن الشدة, وفسر بغير ذلك، وروي أنه صلى الله عليه وسلم في آخر حياته أو عند الموت أخذ يبل يديه, ويمسح وجهه ويقول: رسم> اللهم أعني على الموت متن_ح> رسم> أو هَوِّنْ علي الموت, أو أعنِّي على الموت, وهَوِّنْ عَلَيَّ سكراته، فيدل على أن الموت شديد, يعني: خروج الروح من الجسد.
وهذه الروح التي تعمر هذا الجسد إذا خرجت منه بقي الجسد جثة ليس فيه حركة, وليس فيه إحساس, مع أنه لم يتغير من أصله، لو وزن قبل الموت بلحظة، ثم وزن بعد خروج روحه ما ظهر فرق بين الحالتين، وهكذا أيضا غيره من الحيوانات. لما ذكر الله تعالى أن الأرواح في هذه الأجساد ذكر أنها تحشر إلى الله وتموت رسم> وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ قرآن> رسم> فجميع الدواب أيضا تموت كما يموت الإنسان وموتها بخروج الروح التي كانت فيها, وليس يظهر أثرها. لو وزن مثلا الكبش قبل ذبحه, أو قبل موته، ثم وزن بعد موته ما ظهر هناك فرق, إلا فرق ذلك الدم الذي خرج بعد ذبحه، وإذا مات حتف أنفه دون أن يُذَكَّى به لم يَصِرْ هناك فرق, فدل على أن هذه الروح خفيفة, ليس لها تأثير في ثقل وزنه، ومع ذلك فإنها تتألم وتتنعم, وتحس, ويكون لها إحساس بعد الموت, وبعد مفارقتها لجسدها.
في حديث البراء اسم> المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> إن المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة, وانقطاع من الدنيا, نزل عليه ملائكة بيض الوجوه, معهم أكفان من الجنة, وحنوط من الجنة, وياسمين من الجنة، فيجلسون منه مد البصر, ويأتيه ملك الموت فيقول: أيتها الروح الطيبة كانت في الجسد الطيب, اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين, حتى يجعلها في تلك الأكفان وفي ذلك الحنوط والياسمين, ويخرج منها كأطيب رائحة وجدت على ظهر الدنيا، ثم يصعدون بها, ولا يمرون بملأ من الملائكة إلا سألوهم: ما هذه الروح؟ فيقولون: فلان بن فلان- بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا- متن_ح> رسم> .
وذكر في الكافر ضد ذلك- نعوذ بالله- فهذا دليل على أن الملائكة يقبضون الأرواح, وأنهم يُنَعِّمُونها أو يعذبونها, وأنها تحس بالألم, أو تحس بالعذاب, وأنها تتأثر بذلك، وإن كانت قد فارقت الجسد، وأما الجسد فإنه لا يبقى له إحساس في الظاهر, بل يفنى, ويكون ترابا وعظاما ورفاتا, إلى أن يأذن الله تعالى بإعادته كما يشاء.
مسألة>