شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
خلق السموات والأرض والأمر بالتفكير فيها
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى- (صفة السماوات).
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة اسم> قال: حدثنا عثمان بن سعيد الأنماطي اسم> قال: حدثنا عبد الرحمن الدشتكي اسم> قال: حدثنا أبو جعفر الرازي اسم> عن قتادة اسم> عن الحسن اسم> عن أبي هريرة اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم> هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن ذلك موج مكفوف, وسقف محفوظ متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم اسم> قال: حدثنا أحمد بن القاسم اسم> قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد اسم> قال: حدثني أبي عن أبيه عن الأشعث اسم> عن جعفر بن أبي المغيرة اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: رسم> قال رجل: يا رسول الله. ما هذه السماء؟ قال: هذا موج مكفوف متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا عبيد بن آدم اسم> قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة اسم> عن إياس بن معاوية اسم> -رحمه الله تعالى- قال: والسماء مقببة على الأرض مثل القبة.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم اسم> والعباس بن حمدان اسم> و إبراهيم بن محمد اسم> قالوا: حدثنا أبو سعيد قال: حدثنا محمد بن عبيد اسم> عن إسماعيل بن أبي خالد اسم> عن أبي صالح الحنفي اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا قرآن> رسم> قال: كانت السماوات واحدة؛ ففتق منها سبع سماوات, والأرضون واحدة؛ ففتق منها سبع أرضين.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون اسم> قال: حدثنا الفريابي اسم> عن ورقاء اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا قرآن> رسم> قال: من الأرضين معها ست, فتلك سبع, ومن السماء ست سماوات معها, فتلك سبع سماوات, ولم تكن الأرض والسماء مماستين.
قال: حدثنا محمد بن يحيى اسم> و جعفر بن أحمد اسم> قالا: حدثنا بندار اسم> قال: حدثنا وهب بن جرير اسم> قال: حدثنا أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب اسم> يحدث عن يزيد بن أبي حبيب اسم> عن مرثد بن عبد الله اسم> قال: سمعت كعبا اسم> -رحمه الله تعالى- يقول: السماء أشد بياضا من اللبن.
قال: حدثنا عبد الله بن قحطبة اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن حفص اسم> قال: حدثنا غندر اسم> عن شعبة اسم> عن إسماعيل عن أبي صالح اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> قال: ذات الخَلْق الشديد.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم اسم> قال: حدثنا أبو سعيد الأشج اسم> قال: حدثنا ابن أبي غنية اسم> عن سعد بن طريف اسم> عن عكرمة اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما: رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> قال: ذات البهاء والجمال, وإن بنيانها كالبَرَد المسلسل.
قال: حدثنا العباس بن حمدان الحنفي اسم> قال: حدثنا محمد بن معمر اسم> قال: حدثنا روح اسم> قال: حدثنا عوف اسم> عن الحسن اسم> -رحمه الله تعالى- في قول الله عز وجل: رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> قال: ذات الخلق الحسن, مجملة بالنجوم.
قال: حدثنا العباس بن حمدان اسم> قال: حدثنا محمد بن معمر اسم> قال: حدثنا روح اسم> قال: حدثنا شبل اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- قال: رسم> وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ قرآن> رسم> قال: السماء.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث اسم> قال: حدثنا المقدمي اسم> قال: حدثنا ابن مهدي اسم> عن سفيان اسم> عن سماك اسم> عن خالد بن عرعرة اسم> عن علي اسم> مثله.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا هلال بن العلاء اسم> قال: حدثنا الحسين بن عياش اسم> عن زهير اسم> عن خصيف اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- قال: رسم> كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا قرآن> رسم> قال: السماء والأرض رتقًا واحدًا, والأرض رتقًا ففتق السماء سبعًا والأرض سبعًا.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا عمرو الأودي اسم> قال: حدثنا وكيع اسم> عن الأعمش اسم> عن أبي ظبيان اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: خلق الله تعالى الثور, فدحا الأرض, فارتفع بخار الماء, ففتق السماوات.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا أحمد بن منيع اسم> قال: حدثنا هشيم اسم> قال: أخبرنا منصور اسم> عن الحسن اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا قرآن> رسم> قال: بعضهم فوق بعض, بين كل سماء: خلق وأمْر.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: قال قرأت على عبيد بن آدم اسم> عن أبيه أن أبا شيبة اسم> حدثه عن عطاء اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ قرآن> رسم> قال: بقوة.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا سوار بن عبد الله اسم> قال: حدثنا عبد الملك بن الصباح اسم> قال: حدثنا عمران بن حدير اسم> عن عكرمة اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> قال: ذات الخلق الحسن, ألم تر الحائك إذا نسج الثوب فأجاد نسجه؟ قيل: وإنه لجاد ما حبكه.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا محمود بن خداش اسم> قال: حدثنا عمار بن محمد الثوري اسم> عن عطاء اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: حسنها واستواؤها.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون اسم> قال: حدثنا الفريابي اسم> عن ورقاء اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا قرآن> رسم> بنيانها بغير عمد. وقوله: رسم> رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا قرآن> رسم> وقوله: رسم> وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا قرآن> رسم> والله تعالى بنى السماء.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: قرأت على عبيد بن آدم اسم> أن أباه أخبره عن ابن أبي شيبة اسم> عن عطاء اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ قرآن> رسم> لون السماء: كلون دهن الورد في الصفرة.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا سعيد اسم> قال: حدثنا الفريابي اسم> عن ورقاء اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا قرآن> رسم> قال: مرفوعا.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا سعيد اسم> قال: حدثنا الفريابي اسم> عن ورقاء اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ قرآن> رسم> قال: السماوات السبع.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا هلال بن العلاء اسم> قال: حدثنا أبي عن عبيد الله بن عمرو الرقي اسم> عن زيد بن أبي أنيسة اسم> عن المنهال اسم> عن سعيد بن جبير اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: جاءه رجل فقال: إني وجدت في القرآن رسم> أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا قرآن> رسم> فذكر في هذه الآية خلق السماء قبل الأرض وقال: رسم> قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا قرآن> رسم> وذكر خلق الأرض قبل السماء. قال ابن عباس اسم> رضي الله عنهما: أما قوله: رسم> أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا قرآن> رسم> فإنه خلق الأرض في يومين قبل خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم نزل إلى الأرض فدحاها.
قال: حدثنا أبو بكر البزار اسم> قال: حدثنا محمد بن الحصين القيسي اسم> قال: حدثنا يونس بن أرقم اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حسن اسم> عن زيد بن علي بن الحسين اسم> عن أبيه عن جده عن علي اسم> رضي الله عنه قال: رسم> صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح, فلما قضى صلاته رفع رأسه إلى السماء فقال: تبارك رافعها ومدبرها. ثم رمى ببصره إلى الأرض فقال: تبارك داحيها وخالقها رسم> .
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا عبيد بن آدم اسم> قال: حدثنا أبي عن الليث اسم> عن ابن عجلان اسم> عن سعيد المقبري اسم> عن أبيه عن عبد الله بن سلام اسم> رضي الله عنه قال: خلق الله السماوات يوم الخميس والجمعة, وأوحى في كل سماء أمرها.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمران اسم> قال: حدثنا حكام بن سلم اسم> عن الربيع بن أنس اسم> قال: السماء الدنيا: موج مكفوف. والثانية: صخرة. والثالثة: حديد. والرابعة: نحاس. والخامسة: فضة. والسادسة: ذهب. والسابعة: ياقوتة.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا سوار بن عبد الله اسم> قال: حدثنا أبو داود اسم> قال: حدثنا عمران القطان اسم> عن قتادة اسم> عن سالم بن أبي الجعد اسم> عن معدان اسم> عن نوف البكالي اسم> عن عبد الله بن عمرو اسم> رضي الله عنهما قال: رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> السماء السابعة.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا نصر بن علي اسم> قال: حدثنا أبو أحمد اسم> عن إسرائيل اسم> عن أبي إسحاق اسم> عن هبيرة اسم> عن علي اسم> رضي الله عنه قال: اسم السماء الدنيا: رقيع. واسم السابعة: الضراح.
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا الفضل بن الصباح اسم> قال: حدثنا يزيد بن هارون اسم> عن المسعودي اسم> عن عاصم بن أبي وائل اسم> و زر بن حبيش اسم> عن عبد الله اسم> رضي الله عنه قال: ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام, وما بين كل سماء وأرض خمسمائة عام, ونض كل سماء وأرض يعني: غلظهما مسيرة خمسمائة عام, وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام, وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام, والعرش على الماء.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا سعيد بن أبي زيدون اسم> عن الفريابي اسم> عن ورقاء اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> -رحمه الله تعالى- رسم> ذِي الْمَعَارِجِ قرآن> رسم> قال: معارج السماء.
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد اسم> قال: حدثنا محمد بن عوف اسم> قال: حدثنا مروان بن محمد اسم> عن سعيد بن عبد العزيز اسم> عن يزيد بن أبي مالك اسم> عن أنس اسم> رضي الله عنه. عن النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> قال أُتيت بدابة فركبتها ومعي جبريل اسم> عليه السلام, ثم صعدت إلى السماء الدنيا فإذا فيها آدم اسم> عليه الصلاة والسلام, ثم الثانية فإذا فيها أبناء الخالة يحيى اسم> وعيسى اسم> عليهما السلام, ثم الثالثة فوجدت فيها يوسف اسم> عليه السلام, ثم الرابعة فوجدت فيها هارون اسم> ثم الخامسة فوجدت فيها إدريس اسم> ثم السادسة فوجدت فيها موسى اسم> ثم السابعة فوجدت فيها إبراهيم اسم> عليه وعلى نبينا وعليهم الصلاة والسلام متن_ح> رسم> .
قال: حدثنا إبراهيم اسم> قال: حدثنا سهل بن صالح الأنطاكي اسم> قال: حدثنا محمد بن سابق اسم> قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس اسم> عن سماك بن حرب اسم> عنه عن عبد الله بن عميرة اسم> عن الأحنف بن قيس اسم> عن العباس بن عبد المطلب اسم> رسم> أنه كان جالسا في عصابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقال لهم: هل تدرون كم بُعد ما بين السماء والأرض؟ قالوا: لا. قال: فإن بُعد ما بينهما إما واحد وإما اثنتان وإما ثلاث وسبعون سنة, والثانية فوقها كذلك؛ حتى عد سبع سماوات, ثم قال: السابعة بحر بين أعلاه وأسفله ما بين سماء إلى سماء, ثم فوق ظهورهن العرش, أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء, والله عز وجل فوق ذلك رسم> .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن اسم> قال: حدثنا الربيع بن سليمان اسم> قال: حدثنا يحيى بن بكير اسم> قال: حدثنا ابن لهيعة اسم> عن عطاء بن زياد اسم> عن سعيد بن جبير اسم> رضي الله عنه قال: كانت السماوات والأرضون ملتزقتين, فلما رفع الله السماء وأنبذها من الأرض فكان فتقهما الذي ذكر الله عز وجل.
هكذا أمر الله تعالى بالتفكر في خلق السماوات والأرض أنهما من آياته، قال تعالى: رسم> وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ قرآن> رسم> فالأرض أقرب شيء إلى الإنسان, فيها آيات وعبر, ودلالات عظيمة لمن تأمل فيها, ولمن تفكر فيها, علم أن الذي خلقها قادر على كل شيء, وأنه هو الخالق وحده لكل الموجودات. وكذلك أمرنا بالتفكر في خلق السماوات, يقول الله تعالى: رسم> أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ قرآن> رسم> هكذا أمر بالنظر فيها, كيف بناها الله تعالى؟ وكيف زينها ولم يكن لها فروج؟ يعني: خلل (فُرَج)؛ بل لها أبواب -كما شاء الله تعالى- تنزل منها الملائكة.
وقد كثر ذكر الأرض والسماء في الآيات والأحاديث, وجعلتا من آيات الله, ومن أعجب مخلوقاته؛ ولذلك قال تعالى: رسم> لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ قرآن> رسم> يعني: خَلْق هذه المخلوقات العلوية والسفلية العظيمة أكبر من خلق الإنسان؛ احتجاجًا على الذين ينكرون أن الله هو الذي خلق الإنسان, وهم الطبائعيون؛ الذين يقولون: إن الأشياء تجري بطبعها, وأنه ليس هناك من أوجدها، فينكرون وجودها لخالق متصرف في هذه المخلوقات, مقدر لها رسم> لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ قرآن> رسم> .
وكذلك جعل الله تعالى خلق السماوات والأرض آية على إعادة خلق الإنسان بعد موته, وتفرق أشلائه, فيقول الله تعالى: رسم> أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ قرآن> رسم> أي: أليس الذي خلق هذه الأرض والأراضي الأخرى التي لا نعلم مكانها, وخلق هذه السماوات مع ارتفاعها, أليس قادرًا على أن يخلق مثلهم؟ رسم> بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ قرآن> رسم> ويقول الله تعالى: رسم> أَوَلَمْ يَرَوْا قرآن> رسم> يعني: أولم ينظروا ويعتبروا أنا رسم> خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا قرآن> رسم> خلقهما الله تعالى بأمره؛ مع أن أمره إنما يقول للشيء: كن فيكون.
وإذا تأمل العاقل في هذه الأجرام العلوية عرف أن فيها آيات وعجائب. ذكرها الله تعالى أنها طباق؛ في قوله تعالى: رسم> وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ قرآن> رسم> زينها الله تعالى بالمصابيح التي هي النجوم, وجعلها رجومًا للشياطين, ويقول الله تعالى: رسم> أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا قرآن> رسم> رسم> سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا قرآن> رسم> يعني: بعضها فوق بعض, وأقسم بها في قوله تعالى: رسم> وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ قرآن> رسم> أي: هذه السماء التي هي محبوكة كما شاء الله تعالى.
وقد أخبر الله تعالى بأن الجن قد لمسوا السماء، فقال عنهم: رسم> وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا قرآن> رسم> لا بد أنهم لخفة أجسامهم, ولخفة حركتهم صعدوا إلى أن وصلوا إلى السماء, هذا خبر الله تعالى عنهم, ولا شك أن هذا دليل على أن هذه السماوات التي خلقها الله تعالى أنها كما شاء, أنها خلق عظيم لا يعلم قدره إلا الله.
ولذلك لما أنكر هؤلاء المشركون بعث الأجساد بعد موتها احتج عليهم بخلق هذه المخلوقات، فقال تعالى: رسم> أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ قرآن> رسم> هل أنتم أشد خلقا أم خلق السماء؟ رسم> بَنَاهَا قرآن> رسم> يعني: بناها الله تعالى كما شاء, دل على أنها مبنية, ويقول الله تعالى: رسم> وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ قرآن> رسم> الأيد: هو القوة, القوة تسمى أيد رسم> بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ قرآن> رسم> كما قال عن داود اسم> رسم> وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ قرآن> رسم> أي: صاحب القوة, والأيد: هو القوة. بناها الله تعالى بقوة -كما شاء- وبناؤها لا يعلم كيفيته إلا الله تعالى؛ لكن ذكر الله أنها مبنية, وأنها مخلوقة, ولا نعلم كيفيتها.
فالآثار التي سمعنا أن السماء بيضاء, أبيض من اللبن, أو أن الأولى من نحاس, وأن الأخرى من رصاص, وأن السادسة من ذهب أو من فضة أو من لؤلؤ. الله أعلم بذلك؛ إنما هذا من من التخرص, ولا يجوز الجزم بشيء من ذلك؛ لأن الله تعالى حجب ذلك عن البشر, ولم يُشْهِدْهُمْ شيئا من ذلك؛ فلذلك قال تعالى: رسم> مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قرآن> رسم> أي: ما شهدوا ذلك, ولا شاهدوه, ولا رأوه, فليس لهم أن يتخرصوا, ولا أن يتخبطوا في شيء من ذلك.
مسألة>