لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
121452 مشاهدة
آداب الحج

آداب الحج .. لقاء صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن الجبرين فليتفضل مشكورا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. نحمد الله ونشكره ونثني عليه ونستغفره، ونسأله أن يوزعنا شكر نعمه وأن يدفع عنا نقمه، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.
نعرف أنكم سمعتم خيرا كثيرا منذ ابتدأت هذه السلسة في هذا المسجد الشريف، وأنكم قد تزودتم خيرا، وقد علمتم الكثير من أركان الحج ومن واجباته ومن صفته، ومما يتعلق به.
نقول: إن آداب الحج هي الصفات والأخلاق التي يتأدب بها من يريد أداء هذا النسك، ومن يعزم عليه. ولا شك أنها آداب شريفة متى تأدب بها رجي أن يقبل حجه، وأن يترتب عليه الأجر والجزاء الذي ورد فيه.
فقبل أن نبدأ في آدابه، نذكر ما يحصل عليه من أتى بهذه الآداب. وهي الأدلة على فضله، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة .
والمتابعة بينهما هي الموالاة بأن يحج ثم يعتمر، ويحج ويعتمر؛ يعني يواصل بينهما ولا يمل من ذلك ولا يكل ولا يثقله تكرار ذلك، هذا من الموالاة والمتابعة بين الحج والعمرة.
أخبر بفائدتهما، هذه الفائدة قوله: ينفيان الفقر والذنوب. متى يحصل على هذا الأجر؟ إذا أتى بالحج كاملا بآدابه وبسننه.
كذلك أيضا الحديث الثاني، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ما أعظمه من ثواب إذا حصل على الحج المبرور؛ بأن يكون متأدبا بآدابه، أخبر بأنه جزاؤه الجنة. وهي أعظم مطلب وأعظم مقصد، ومن حصل على الثواب بالجنة فقد حصل على أعظم مطلوب.
وكذلك قوله-صلى الله عليه وسلم- من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه هذه أدلة على فضل الحج.
ثم نقول: إن آداب الحج هي الأخلاق التي يتأدب بها من أراده؛ من أراد أن يؤدي هذا الحج.
فمن آدابه: ما يتعلق بالقلب، ومنها ما يتعلق بالبدن، ومنها ما يتعلق بالمال، ومنها ما يتعلق بالأخلاق.