إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
107851 مشاهدة
بيان الحِكَم التي شرعت من أجلها المناسك ( تابع )

كذلك أيضا عليه أن يحرص على الحكمة من هذه الشعائر، الحكمة من هذه المناسك هي:
أولا: التعبد لله والامتثال لأمره، وثانيا: الإكثار من ذكره:
بذكر اللـه ترتــاح القــلوب
ودنيانـا بـذكــراه تطيـــب
يأمر الله تعالى بذكره في هذه البقاع وفي هذه المشاعر، يأمر عباده بأن يكثروا من ذكره، قال الله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ وهي هذه الأيام العشر من أول الشهر إلى يوم العيد، هذه الأيام المعلومات أمرهم بأن يكثروا من ذكر الله تعالى في أيام معلومات وذكَّرهم بنعمه.
وذكر أن من نعمه عليهم أن سخر لهم بهيمة الأنعام، هذه الدواب التي هي خلق من خلق الله تعالى سخرها للإنسان وذللها لهم، ولذلك قال: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فهي نعمة عظيمة في هذه الأيام -في يوم العيد وفي الأيام التي بعده- أباح لهم ذبحها، سواء كانت هدي تطوع، أو هدي تمتع، أو هدي قران، أو جزاء صيد، أو دم جبران، أو فدية محظور، يأكلون منها ويذبحون من الإبل والبقر والغنم التي سخرها وذللها، من نعم الله، من أكبر نعمه.
لو شاء الله تعالى لجعلها نافرة، لجعلها مستعصية تنفر من الإنسان كما تفر الظباء، وكما تفر الوعول، وكما تفر الطيور، ولكن ذللها لهم وجعلها مذللة، قال الله تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ يعني: لكم فيها خير ونعمة، ومن ذلك أنه سخرها لكم.
فإذا أردتم ذبحها فصفوها صفا، ثم انحروها وهي قائمة كما فعل ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم- صفت له الإبل التي أهداها، وكانت مائة بدنة، فأخذ سكينا حادة وجعل ينحرها ويذكر اسم الله عليها، وكلما نحر بدنة وسقطت انتقل إلى الأخرى؛ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ -أي سقطت- جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ إلى قوله كذلك: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا أي: الله تعالى لا ينتفع بلحومها ولا بدمائها وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ إنما أمركم بذلك لأجل أن تتقوا، وكلفكم بذلك لأجل التقوى.
فهذه من نعم الله تعالى، يُذكر الله تعالى ويُشكر حيث أنعم على عباده بهذه النعم، كذلك أيضا أمر بذكره في المشاعر، فقال الله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إذا انصرفتم من عرفة -غدا إن شاء الله- فإنكم تنزلون في مزدلفة وهي المشعر الحرام، وتكثرون من الذكر، تكثرون من ذكر الله تعالى ذكرا مطلقا، ومن ذلك الذكر بالتلبية والذكر المطلق؛ فإن هذا مما أُمر به الحجاج والمعتمرون أن يكثروا من التلبية.
التلبية يلازمها المحرم من حين يأتي بإحرامه إلى أن يشرع في أسباب التحلل، فإن كان محرما بعمرة فإذا شرع في طوافها قطع التلبية، وإن كان محرما بحج فإذا شرع في الرمي قطع التلبية؛ لأنه شرع في أسباب التحلل، وقبل ذلك يلازم التلبية ويرفع بها صوته.
جاء عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن جبريل أتاني فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أي: بالتلبية؛ فكان الصحابة يرفعون أصواتهم حتى صحلت حلوقهم، صحلت أصواتهم من رفعهم أصواتهم بهذه التلبية، ولم يزالوا يلبون إلى أن ابتدأوا في رمي الجمرة، فتوقفوا بعد ذلك لأنهم شرعوا في أسباب التحلل.
هذه التلبية شعار للحجاج وعلامة على المحرمين، مشروعة للحاج في كل حال، وسواء كان في سفره أو في إقامته أو في خيمته، يشرع له أن يلبي إلا أنها تتأكد في مواضع، ذكر العلماء أنها تتأكد في عشرة مواضع:
بالنسبة للمسافر إذا كان يسير فارتقى على مكان مرتفع جدد التلبية، وإذا هبط مكانا منخفضا كوادي جدد التلبية، وإذا ركب دابته أو سيارته جدد التلبية، وإذا نزل منها جدد التلبية، وكذلك إذا فعل محظورا ناسيا جدد التلبية، وإذا سمع ملبيا لبى، وإذا تلاقت الركاب أو الرفاق جدد التلبية، وإذا صلى صلاة مكتوبة جدد التلبية، وإذا أقبل الليل وإذا أقبل النهار، هذه عشرة مواضع يشرع أن يجدد فيها التلبية.
ومع ذلك يأتي ببقية الأذكار؛ فيسبح ويحمد الله ويهلله ويكبره ويستغفره ويحوقل، وكذلك أيضا يكثر من الدعاء الذي هو دعاء الله تعالى، والابتهال إليه، والرغبة فيما لديه، يبقى كذلك إلى أن تنتهي أيام المناسك.
هذه التلبية الحكمة فيها أنها إجابة لنداء الله تعالى في قوله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا فهؤلاء الذين يأتون من كل فج عميق إذا أقبلوا إلى مكة وأحرموا رفعوا أصواتهم قائلين: لبيك اللهم لبيك. فيكثرون من التلبية كأنهم يقولون: أجبنا دعاءك، أجبنا نداءك يا رب، أقبلنا من بلادنا مقيمين شعائرك، وملبين دعوتك، ومظهرين لامتثالنا لطاعتك ولعبادتك، فنحن مقيمون على طاعتك إقامة بعد إقامة.
فهكذا على المسلمين أن يكونوا مظهرين لشعائر الله-سبحانه وتعالى-محافظين على أركان دينهم- ومن جملة هذه الأركان أداء هذه المناسك-وحريصين على أن يعرفوا الحِكم والأحكام، ويؤدوها بمعرفة وطمأنينة ويقين، ويخلصوا فيها العبادة لله-سبحانه وتعالى- ولا يكون في عملهم شيء من الرياء، ولا شيء من السمعة، ولا شيء من التمدح، ولا الإعجاب بالأعمال الذي يحبط الأعمال؛ وبذلك يحصل لهم-إن شاء الله- قبول عباداتهم، والثواب المرتب عليها من مغفرة الذنوب؛ من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وهذا إذا تمت الشروط وانتفت الموانع، وأخلص العبد عمله لله.
نسأل الله أن يجعل حجنا مبرورا، وذنبنا مغفورا، وعملنا صالحا مقبولا، وأن يغفر لنا الذنوب، ويكفر عنا السيئات، ويغفر الزلات، ويمحو الخطيئات، ويقبل أعمالنا، ويجعلها خالصة لوجهه، اللهم اجعل عملنا صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، وارفع درجاتنا، وأجزل مثوباتنا، واغفر لآبائنا وأمهاتنا، واغفر اللهم لجميع المسلمين المؤمنين الموحدين، وعُّم بالمغفرة كل المسلمين في أقصى البلاد وفي أدناها، واغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، وأصلحهم وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لهم في أسماعهم وأبصارهم وقواتهم ما أبقيتهم، واجعلهم شاكرين لنعمك، مثنين بها عليك، قابليها منك، وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وأصلح اللهم ذرياتهم، واجعلهم خير خلف لخير سلف، إنك رءوف رحيم، إنك رحيم بالعباد، يا أرحم الراحمين، يا رب المستغفرين.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسئـلة
جزى الله فضيلة الشيخ على ما أفاد وعم بأثره عموم المسلمين -إن شاء الله- وأسأل الله العظيم أن يكون ذكرنا في ملأ خير من هذا الملأ. مع عجالة مع الأسئلة.
س: يقول السائل: أنا حاج-يا فضيلة الشيخ- ومعي امرأتان، ونريد أن نطوف طواف الوداع قبل الزوال يوم الثاني عشر، ثم أرمي عنهن الجمرات قبل الغروب ونغادر؛ حيث إننا متعجلين ومرتبطين برحلات الطيران، وجزيتم خيرا.
طواف الوداع يكون آخر الأعمال، فلا بد أنك لا تطوف إلا بعد الرمي؛ ابدأ بالرمي، وإذا كنت مستعجلا فلك أن ترمي مثلا في الساعة العاشرة ضحى؛ لأجل الاستعجال ولأجل العذر، ثم بعد ذلك تودع ثم تسافر، فأما أن تقدم الوداع قبل الرمي فلا يجوز.
س: يقول: سماحة الشيخ، جمعنا الله وإياك في جنته، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، لقد قمت بأداء العمرة متمتعا إلى الحج، وعند السعي شككت في العدد هل أكملت العدد أم لا؟ علما أني حاولت التذكر وغلب على الشك بالإكمال، آمل منكم إفتائي، وجزاكم الله خيرا.
إذا غلب عليك الإكمال فإنك على ما غلب عليك وهذا هو الأصل.
س: فضيلة الشيخ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته. هل الهدي يجزي عني وعن أولادي وهم حاجون معي؟
لا يجزي، كل من كان متمتعا فإن عليه ذبيحة، إما واحدة من غنم، وإما سُبع بدنة أو سبع بقرة. نعم.
س: ما حكم جمع الظهر والعصر قبل الخروج من الرياض إلى جدة ؟ ومن صلى جماعة يصلون العشاء ودخل معهم وهو في نيته المغرب وصلى أربع ركعات. ما الحكم في ذلك؟
إذا كان في بلده فلا يقصر ولا يجمع حتى يفارق بلده، فإذا أذن عليك الظهر وأنت في بلدك إن صليتها في البلد صلِّها أربعا، وإن صليتها بعدما خرجت فصلِّها أربعا، ولك بعد ذلك أن تجمع معها العصر؛ إذا لم تصلها إلا بعدما فارقت البلد، فالذي يأتيه الوقت؛ فيدخل عليه وهو في بلده الرياض أو غيرها لا يجزيه الجمع. لا يجمع إلا بعد الفراق، ولا يقصر إلا بعدما يفارق، هذا بالنسبة إلى الصلاة.
دخل معهم المغرب. نقول: بطلت مغربه؛ لأنه جعلها أربعا فعليه أن يعيد المغرب يعيدها ثلاثة.
س: جزاكم الله خيرا. هل للصلوات المفروضة يوم التروية وأيام التشريق ويوم عرفة سنن قبلية وبعدية؟ حيث إنه من الملاحظ أن بعض الناس يؤدي ركعتي السنن قبل كل صلاة؟
نقول: لا مانع السنن؛ إنما تركت لأجل المشقة، فإذا لم يكن هناك مشقة ولا صعوبة فلا تمنعوا أحدا أن يتقرب إلى الله بهذه النوافل؛ من منعه خيف عليه أن يدخل في قوله الله تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى اتركه يصلي ويتقرب، أنت إذا كان عليك مشقة أو انشغال سقطت عنك النوافل، وإذا لم يكن عليك مشقة لا تحرم نفسك.
س: يقول السائل: هل التحلل الأول يتم برمي جمرة العقبة والحلق فقط؟
نعم. إذا رمى وحلق لبس، أو رمى وطاف ولو لم يحلق لبس، أو طاف وحلق ولو لم يرم لبس، هذا التحلل الأول يحل له اللباس وتغطية الرأس والطيب وتقليم الأظفار، يحل له كل شيء إلا النساء، يحل له الصيد خارج الحرم لو خرج خارج الحرم ووجد صيدا له أن يصيده؛ لأنه قد تحلل، وأما التحلل الثاني فبمجموع الثلاثة التي هي: الرمي والحلق والطواف.
س: يقول: هل الاحتلام يبطل الإحرام؟ وماذا يفعل المحتلم؟
لا يبطله؛ لأنه شيء قهري ليس اختياريا، وإذا احتلم فإنما عليه أن يغتسل كما يغتسل غير المحرم، يغتسل للصلاة.
س: يقول السائل: ما حكم تأخير طواف الإفاضة مع طواف الوداع بالنسبة للقارن؟
يجوز ذلك، يجوز إذا كان قارنا أو مفردا أو متمتعا، وشق عليه أن يطوف طوافين وطاف عند سفره كفاه طوافه عند سفره بنيتين: نية الإفاضة ونية الوداع.
س: ويقول: هل يجوز أن يدفع القارن الهدي عن طريق شركة الراجحي؟
لا مانع، الشركات هذه عندهم أغنام كثيرة استجلبوها واستوردوها، فعند ذلك يذبحونها ويسلخونها، يعطيهم اسم صاحبها ويعطيهم النقود، وعند الذبح يقولون: اللهم تقبلها عن فلان.
س: ويقول: ما حكم صلاة النساء في هذا المخيم خلف إمام الرجال؟
يجوز ذلك إذا كن يسمعن صوت الإمام وقراءته وتكبيره، وكان بينهن وبين الرجال حاجز، يعني فاصل من هذه الأروقة ونحوها.
س: يقول: فضيلة الشيخ، بعد الإحرام بالميقات نمت بجانب زوجتي، بعد مداعبة بسيطة بغير شهوة فقد خرج مني بعض المذي القليل جدا. فهل في ذلك شيء؟
نعم. هذا من المحظورات، داخل في قوله: فَلَا رَفَثَ ؛ فنقول: عليك فدية، عليك أن تذبح ذبيحة تسمى دم جبران، وتكون لمساكين الحرم، ووقتها واسع، لو لم تذبحها إلا بعد شهر أو بعد أشهر، ولكن لا تأكل منها، تصدق بها.
س: وهذه امرأة تقول: داعبت زوجي نهار رمضان وقد أحسست بالشهوة. هل صيامي غير صحيح؟
غير صحيح إذا نزل منها شيء، وكذلك الرجل لا يبطل الصوم إلا إذا نزل منه مني.
س: يقول السائل: ما أجر من حج عن قريبه المتوفى؟ هل له أجر حجة كاملة؟ علما بأن كليهما قد حج حجة الإسلام، وهل الأفضل أن يحج تطوعا عن نفسه أم عن المتوفى؟
له أجر. أجر الصلة وأجر البر وأجر الإحسان إلى قريبه المتوفى، له أجر كبير على ذلك؛ وذلك لأنه من البر ومن الإحسان، فإذا كان قريبه كأبيه أو أخيه أو عم أحسن إليه أو خال أو نحو ذلك، قد مات وكان قد حج الفرض؛ فإنه يحج عنه حج تطوع ويكون له أجر له مثل أجره أو قريب منه، وإذا كان قد حج عنه مرة أو مرتين فله بعد ذلك أن يكون حجه عن نفسه.
س: هل يجوز الاستعجال وعدم المبيت في مزدلفة لمن معه نساء لسن ضعيفات؟
نرى أنه لا يستحب، ونشاهد أن كثيرا من الذين ينصرفون من عرفة في الليل يجدون زحاما يقولون: نريد أن نسلم من الزحام. فإذا جاءوا إلى الجمرة وجدوا الزحام الشديد فيتركون الرمي؛ فيتعجلون بنسائهم ولا يرمي النساء ولا يرمي أحد، يقولون: الزحام شديد لا نقدر. فإذا كان كذلك فالأولى لكم أن تقيموا في مزدلفة وإذا صليتم الفجر وأسفرتم تتوجهوا إلى منى وتؤخروا الرمي بالنساء إلى مثلا الساعة الثانية عشرة، أو الساعة الثانية بعد الظهر، أو الرابعة أو الخامسة بعد العصر، أو في الليل، رمي جمرة العقبة وقته واسع، ولا ضرر عليكم أن تبقوا بإحرامكم إلى أن ترموا الجمرة ولو في الليل.
س: يقول: فضيلة الشيخ، أنا حاج مفرد، وبعد سعي القدوم قمت بالقص من شعري، وذلك جهل مني. فهل عليَّ شيء، والله يحفظكم؟
معذور بالجهل، ولكن على الإنسان أن يكون على بصيرة من أمره، عليه أن يسأل؛ لأن قص الشعر وهو محرم إذا كان مفردا من المحظورات، ولكن مع النسيان لعله يعفى عنه.
س: يقول السائل: أسكن خارج حدود الحرم أي بعد منطقة العمرة شمالا أربعة عشر كيلو. هل يلزمني طواف الوداع؟
نعم. ما يسقط طواف الوداع إلا عن أهل مكة المقيمين فيها، الذين في داخل حدود الحرم وأما الذي بعد الحدود ولو بكيلو أو كيلوين فضلا عن أربعة عشر كأهل الجموم ... وأهل الشرائع عليهم الوداع.
س: يقول السائل: هل يجوز للمتمتع الذبح عوضا عن طواف الوداع، وذلك لظروف السفر والمطار، علما بأنها أول حجة لي؟
يجزيه ذلك إذا كان مستعجلا خرج قبل الوداع فإنه يبقى عليه واجب يجبر بدم، فإذا وكَّل واحدا وقال: اذبح عني شاة من الضأن أو من المعز ذكرا أو أنثى وفرقه على المساكين كفى.
س: يقول السائل: نويت الحج مفردا وكذلك الأهل، وأريد أن أضحي عني وعن أهل بيتي، وكذلك الزوجة تريد أن تضحي عن والدها المتوفى. هل يجوز لنا ذلك؟
يجوز ذلك؛ الأضحية لا تمنع الفدية، لا تمنع أن يفدي، ولا تمنع أن يهدي، والفدية التي هي فدية التمتع هذه تسمى فدية تمتع، يذبحها لأجل أنه انتفع في هذا السفر بأداء نسكين؛ فإذا كنت محرما متمتعا أو قارنا أنت وامرأتك فعليكما فديتان، والأضحية توصي عليها في بلدك، سواء عن نفسك أو عن والديك أنت أو زوجتك أوصوا عليها في يوم العيد أو أيام التشريق، تذبح باسمكم.
س: يقول بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: والدتي حجت قبل خمس وعشرين سنة، وأثناء طواف القدوم نزل منها قطرات من البول فأتمت طوافها، وفي هذه الأيام بلغتني بذلك، فما الحكم في ذلك الطواف؟ وهل يجوز أن تنوي قبل طواف القدوم هذه السنة عنه وعن ذلك الطواف الماضي؟
نعرف أن طواف القدوم ليس واجبا وليس ركنا حيث إنه سنة، ومن فاته طواف القدوم أو تركه أو انتقض وضوؤه فيه فلا يلزمه الإعادة.
س: فضيلة الشيخ، أنا أتيت بحجة عن والدتي، ففي الميقات لبيت بالعمرة متمتعا بالحج، فنسيت أن أقول: عن والدتي، فعندما أتيت الطواف تذكرت. فما الحكم في ذلك؟
تكفي النية، إذا كنت عازما من سفرك أنك تريد أن تحج عن والدتك أو عن والدك يكفيه، ولكن يفضل عند الإحرام أن تقول: اللهم تقبل نسكي عن والدي أو عن والدتي. وكذلك عند الذبح إن كان عليك دم، وأما في البقية فإنك تدعو دعاء عاما.
س: فضيلة الشيخ، حفظك الله ما هي الصفة الكاملة المستحبة للرمي أيام التشريق؟
الصفة الكاملة أن ترمي بعد الزوال أي بعد أذان الظهر، ترمي الجمرات ما بين الزوال إلى الغروب، كذلك أيضا تبدأ الرمي بالجمرة الأولى، وتمسك معك سبع حصيات، وتقذف كل حصاة وحدها، وتكبر: الله أكبر الله أكبر حتى تكمل السبع، الجمرة الأولى -التي هي القريبة من منى - هذه ترمى من كل الجهات؛ لأنها حوضها مستدير من كل الجهات، وبعدما ترميها تبتعد قليلا عن الزحام، وتستقبل القبلة وتدعو الله بما تيسر، وهكذا الوسطى -أي حوضها مستدير- وهي في وسط الحوض، ترمى من أي جهة، وتدعو أيضا بعدها.
وأما جمرة العقبة فإن حوضها كنصف دائرة، فلا ترمى إلا من الجهات التي فيها الحوض، أما الجهة التي ليس فيها حوض فلا ترمى منها، إلا إذا رميت ووقعت الجمرات في الحوض، فإذا كان الشاخص في الوسط وأتيت من الجهة هذه –الشمالية- ووجدت طرف الحوض ورميت فيه، أو طرف الحوض من الجهة الثانية أجزأ ذلك، ولا يجعل بعدها.
س: يقول: في أعمال يوم النحر هل في الترتيب فرق في الأجر؟
الظاهر أنه لا فرق؛ النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، وقيل إنه لمصلحة خاصة، وقيل إنه من باب المصادفة.
س: يقول: فضيلة الشيخ، أحبكم في الله. ويقول: إني كلما توضأت وخللت لحيتي يتساقط بعض الشعر منها. هل هذا يعتبر من المحظورات؟
أحبك الله ورزقنا جميعا حبه وحب من يحبه. لا يضر ذلك، الإنسان مثلا إذا اغتسل من احتلام أو نحوه، ودلك شعره وتساقط شيء منه، أو توضأ وخلل لحيته وسقط منه شيء هذا يسمى شعرا ميتا لا يضر.
س: يقول: نويت الحج قبل أن أجيء إلى مكة وقبل أن أصل إلى مكة نويت أن يكون حجي هذا لوالدتي لأنني سبقت أن حججت. هل تغير النية جائز؟ وهل تقبل هذه الحجة لوالدتي؟
تغيير النية قبل الإحرام لا بأس بذلك، وهكذا أيضا بعد الإحرام، ولك أجر، أجر برك بوالدتك.
س: يقول: هل يجوز أن أسعى سعي الحج ليلة الثاني عشر فقط، وأجعل طواف الإفاضة مع الوداع؟
لا يجوز. لا بد أن يكون السعي بعد طواف مشروع، طواف القدوم أو طواف الإفاضة، وإذا أخرت الطواف وجعلته مع الوداع تسعى بعده.
س: يقول: ما الرأي الشرعي في البعض وقد يكثرون في هذه الأيام في الأخذ بكل الرخص للحج واختصار المناسك دون سبب؟
لا يجوز تتبع الرخص؛ بل لا يفعل إلا ما ترجح على المذهب، أو على الأقوال الراجحة، فلا يتتبع الرخص، فالذي مثلا يقول: إن هناك من رخص في الطواف محدثا؛ فأنا أطوف محدثا. وهناك من يقول: إن السعي ليس من الواجبات وإنه من السنن؛ فأنا أترك السنن. وهناك من يقول: إن الانصراف من عرفة في الضحى أو بعد الزوال أنه مجزئ؛ فأنا أنصرف ولا شيء علي. وهناك من قال: إن المبيت في مزدلفة ليس بلازم؛ فأنا أنزل فيها وألقط جمرات ربع ساعة ثم أترك الباقي.
وهناك من يقول مثلا: إن المبيت بمنى ليالي منى ليس بواجب؛ فأنا آتي إليها وأجلس ساعة في الليل ثم أخرج مثلا. وهناك من يقول: إن رمي الجمار ليس بواجب؛ فأنا أتركها، أو إنه جائز في كل وقت؛ فأنا أرمي في كل وقت، أو ما أشبه ذلك. وهناك من يقول: إن القص يجزئ أن تقص ثلاث شعرات ثم تتحلل. وهناك من يرخص لي في أن ألبس وأفعل شيئا من المحظورات ولا حرج علي. فيجتمع فيك الشر كله.
س: يقول: أنا شخص نويت الإفراد بالحج، وبعدما وصلت إلى الحرم أديت طواف القدوم، وسعيت سعي الحج، وبعد ذلك أشكل علي هل أقصر الشعر بعد السعي أو أتركه؟ وسألت أحد الأشخاص المارة وشرحت له حالتي، فنصحني بالتقصير الآن فقط للشعر. فهل عملي هذا صحيح؟ وماذا يجب علي؟
لا يجوز إذا كنت قارنا أو مفردا تبقى على إحرامك، ولا يجوز أن تقص من شعرك، وإذا قصصت بحسب هذا الذي أفتاك خاطئا فأنت معذور لأنك مقلد، ولا فدية عليك.
... تعرفون بالإذن في الفتوى. يجوز عند بعض العلماء، بل قد يكون فاضلا إذا كنت قارنا أو متمتعا وكان هناك وقت، يعني قدمت في اليوم السادس أو السابع أن تقلب إحرامك إلى عمرة، ولو كنت قارنا أو مفردا؛ فتطوف وتسعى وتقصر وتلبس وتتحلل وتجعلها عمرة، وتحرم بالحج في اليوم الثامن.
س: تقول: أحرمت بعمرة في رمضان ولم أنزع النقاب في الميقات، فتذكرته قبل الوصول إلى مكة ثم أنزلته. فما الحكم؟
النقاب محظور من محظورات الإحرام بالنسبة للنساء، ففي هذه الحال إذا كانت ناسية أو جاهلة لا فدية عليها، وأما إذا كانت متعمدة فإن عليها فدية، الفدية: هي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم.
س: يقول: عندي والدة كبيرة في السن، هل يجوز أن توكلني في رمي الجمرات في جميع الأيام؟
يجوز ذلك، والأولى إذا كنتم لا تتعجلون -يعني تبقون في اليوم الثالث عشر- أن تؤخر الرمي وترميه في الثلاثة الأيام مرتبة، تأتي ولو راكبة اليوم الثالث عشر، تكون المرامي واسعة -الجمرات- فتبدأ بالجمرة الأولى وترمي خمسة عشر، ثم الوسطى عن خمسة عشر مثلها، ثم العقبة عن اليوم الحادي عشر سبعا وسبعا وسبعا، ثم اليوم الثاني عشر ترجع وترمي سبعا وسبعا وسبعا، ثم اليوم الثالث عشر هكذا، هذا أفضل .. أفضل من التوكيل، وأما إذا كانوا يتعجلون فلها أن توكل.
س: ما حكم لبس المرأة للخفين مع وجود النعلين؟
يجوز ذلك، المرأة تلبس كل شيء إلا النقاب والقفازين.
س: المفرد هل يجوز له طواف أو سعي بعد طواف القدوم؟
المفرد إذا طاف بعد ذلك فإن طوافه يعتبر طواف تطوع، ولو طاف كل يوم سبعة أسباع أو سبعين يعتبر تطوع.
س: يقول: أفتيتم قبل قليل بأنه يجوز أن يأتم النساء بالإمام -بإمام الرجال- مع العلم أن بعض خيام النساء محاذية للرجال، والبعض يأتم والبعض لا، ولا تنتظم الصفوف.
تقتدي بالرجال إذا كانت بحذائهم يمينا أو شمالا أو خلفهم، وأما إذا كان النساء قدام فإنهن يصلين وحدهن.
س: ما حكم استعمال الصابون المعطر ومعجون الأسنان؟
متى كان معطرا لا يستعمله ما دام محرما، يستعمل التايد أو نحوه، وبالنسبة إلى المعجون يظهر أنه جائز؛ لأنه ليس فيه طيب. نعم.
س: يقول: حججت بنساء ورميت عنهن مخافة الزحام والتكشف، وكان ذلك في وقت أفتي فيه ... السؤال غير واضح؟
لا بأس بذلك، النساء غالبا يحصل مع الزحام تكشفهن، وسقوط أغطيتهن، وتتعرض المرأة للتكشف؛ فلها عذر أن توكل.
س: يقول: وصلت إلى جدة في مهمة رسمية، وفي نيتي أنني بعد نهاية المهمة سوف آخذ عمرة، وبعد نهاية المهمة أحرمت بجدة وأخذت عمرة وأنا قادم من الرياض ؟
في مثل هذه الحال إذا كنت عازما على العمرة الأَوْلى أنك ترجع إلى الميقات وتحرم منه، هذا هو الأولى، ولكن لعلك بذلك ما سألت، لو سألت لأمروك بأن ترجع، حيث إنك فعلت ذلك فلعلك لك رخصة في ذلك.
س: أتيت من المغرب بالطائرة ونزلت بمطار جدة وأحرمت من جدة وأخذت عمرة. فما الحكم في ذلك؟
ذكر بعض العلماء أن أهل المغرب وأهل السودان ونحوهم لا يمرون بشيء من المواقيت، ولا يحاذونها لا جوا ولا بحرا؛ فلأجل ذلك يحرمون من جدة إما من الميناء أو من المطار، وليس ذلك لأهل المدينة ولا لأهل مصر والشام ولا لأهل نجد ولا لأهل اليمن ؛ لأنهم يمرون بالمواقيت.
جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء على ما أفاد وأجاد، نسأل الله أن يكون ذلك في موازين حسناته وحسنات السامعين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد .