الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
108011 مشاهدة
رمي الجمرات وتحقيق العبودية والاتباع

كذلك أيضا نعرف أن هذا الرمي عبادة من العبادات؛ ولأجل ذلك نكون فيه متبعين؛ كل واحدة من الجمرات ترمى بسبع حصيات متعاقبات، وأن هذه الحصيات يتبع فيها الدليل، ثبت أنه صلى الله عليه وسلم التقط له سبع حصيات مثل حصى الخذف؛ أي مثل الحجارة الصغيرة التي يجعلها بين إصبعيه ويخذف بها. الخذف هو الرمي بالحجر الصغير بين إصبعيه؛ يعني أنه قريب من حصى الخذف، أو أنه مثل حب الفول أو ما أشبهه، فوق الحمص الحمص المعروف، ودون البندق البندق نبات معروف. هذه الحجارة هي الوسط التي يرمي بها.
وأنه صلى الله عليه وسلم لما التقطت له هذه الحصيات قال: بمثل هذا فارموا عباد الله، وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ؛ يعني لا تزيدوا، فالذين يرمون بحجارة ملء الكف أو نحوها؛ هؤلاء قد غلوا. وكذلك الحجارة الكبيرة التي كبعر الإبل أو كبيض الدجاج هؤلاء أيضا قد غلوا وقد زادوا، وإنما يتبعون ما جاءت به السنة من الرمي بهذه الحجارة التي مثل حصى الخذف، ويعلمون أن هذا إنما هو لذكر الله.
كذلك الذين يرمون هذا الشاخص بالأحذية، ويدعون أنهم بذلك يضرون الشيطان. في الحقيقة أنهم قد خالفوا السنة، ومن خالف السنة فقد اتبع ما يهواه الشيطان، إنما الاتباع هو ما ذكرنا من الرمي. على هذا الرمي يكون بسبع حصيات توجه نحو المرمى الذي هو الشاخص أو الحوض، فإذا وقعت في الشاخص التي هو العمود المبنية المرتفعة، أو كذلك وقعت في الحوض أجزأت، وعليه أن يوجهها، ولا يلزمه أن يلاحظها حتى تقع؛ فإن عليه مشقة في ذلك، وقد تشتبه حجرته بحجارة غيره؛ لكثرة الذين يرمون، فبهذا يكون ممتثلا لما أمر الله تعالى به.
وقد ورد أيضا أن بعض الصحابة رجعوا مرة، وبعضهم يقول: رميت بسبع، وبعضهم يقول: رميت بست؛ فلم يعنفهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل للذين رموا بست ارجعوا فكملوا، بل اعتبر سقوط واحدة عذرا، وأنها تجزئ الست.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا نقص حجرين أنه يتصدق بطعام مسكينين عن كل واحدة. ولعل ذلك من باب الاجتهاد. والصحيح أنه يمكنه أن يتداركه؛ فإذا مثلا رميت بالأمس ولم ترم إلا بخمس أو بأربع؛ فإن عليك أن تذهب إلى تلك الجمرة التي نقصت من رميها، وتكمل ما بقي، وترمي ما بعدها. فإذا نقصت من الوسطى ثلاثا؛ ففي هذا اليوم تأتي وتكمل ترمي الثلاثة التي من الوسطى، وتعيد الكبرى؛ وذلك لأن رميها ما كمل؛ لأنه ما كمل الذي قبلها، وإذا رميت كملتها بسبع تعود وترمي الثلاث عن هذا اليوم بسبع وسبع وسبع حتى يكون الجمرات منتظمة يعني مرتبة على ترتيبها الوضعي، هكذا ذكر العلماء.
كذلك أيضا لا بد من -كما ذكرنا- معرفة الحكمة التي هي ذكر الله تعالى. لو نسي الإنسان التكبير؛ فإنه يعتبر قد أتى بالفعل ويسقط عنه الرمي، ولكن يتذكر أن عليه أن يكبر. ويقول بعض العلماء: إن له أن يسمي فيقول: بسم الله الله أكبر. وإن لم يذكر التسمية أجزأه ذلك.