إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145001 مشاهدة print word pdf
line-top
كيفية إحرام النبي صلى الله عليه وسلم

لكن اختلف العلماء هل هو -صلى الله عليه وسلم- أفرد الحج يعني: حج مفردا أو متمتعا أو قارنا؟ وذلك لأنه تارة يلبي بالحج: لبيك حجا. وتارة يلبي بقوله: لبيك عمرة. وتارة يقول: لبيك عمرة وحجا. وبيَّن العلماء أن أعماله مثل أعمال المفرد، بمعنى أنه كأنه مفرد فهذا معنى قول من قال: إنه مفرد.
والذين قالوا: إنه متمتع. قالوا: إن التمتع يطلق على القران. وذلك لأن القارن متمتع، أي: أنه منتفع.
ولا شك أنه -صلى الله عليه وسلم- كان حجه قارنا، بمعني: أنه قرن الحج والعمرة في إحرام واحد، وجعل نسكين في نسك واحد وفي عمل واحد، وخطب الناس بقوله: دخلت العمرة في الحج إلي يوم القيامة. فاكتفى بإحرام واحد عن النسكين، وبطواف واحد طواف الإفاضة وجعله عن النسكين إلا أنه طاف للقدوم، وسعيا واحدا عن النسكين، فتداخلت الأعمال أعمال النسكين فهذا هو السبب في أنه حج قارنا، وكذلك كثير من الصحابة الذين ساقوا معهم الهدي وذلك لأنه أهدى، ساق الهدي من المدينة معه سبعين بدنة جعل في رقابها قلائد، وشق أسنمتها حتى يُشعرها لتظهر علامة أنها هدي، وجاء علي -رضي الله عنه- من اليمن بثلاثين أيضا أضيفت إلى السبعين أصبحت مائة بدنة، لا شك أن هذا هدي تبرع به ويسمى هدي تطوع، وامتنع بذلك من التحلل، أما أصحابه فأكثرهم كانوا مفردين؛ وذلك لأنهم في الجاهلية لا يعرفون العمرة في أشهر الحج، كان أهل الجاهلية لا يعتمرون في أشهر الحج ويقولون: إذا بَرَأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر. وهذا من الجهل، فنقض النبي -صلى الله عليه وسلم- كلامهم واعتمر في ذي القعدة، وهو من أشهر الحج، اعتمر في الحديبية وفي عمرة القضية وفي عمرة الجعرانة وفي عمرته مع حجته.
ولما توجهوا وأقبلوا إلى مكة في أثناء الطريق كان معه زوجاته ومنهن عائشة رضي الله عنها، فأتتها العادة في الطريق وهي محرمة بعمرة، وكان صلى الله عليه وسلم قد خيرهم قال: من شاء أن يحرم بعمرة فليفعل، ومن شاء أن يحرم بالحج فليفعل، ومن شاء أن يحرم بالحج والعمرة فليفعل. فاختارت عائشة الإحرام بالعمرة، ولكن لما جاءتها العادة تمنت أنها ما حجت تلك السنة، فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تبقى على إحرامها، ولما جاء يوم عرفة وهي لم تطهر أمرها بأن تحرم بالحج وتدخله على العمرة، تدخل الأكبر على الأصغر، الحج هو الأكبر، والعمرة هي الأصغر تدخله على العمرة وتصبح قارنة، وهكذا تفعل المرأة إذا حاضت وهي متمتعة ولم تتمكن من إتمام عمرتها أنها تحرم بالحج وتصبح قارنة؛ ففعلت ذلك، ولما طهرت يوم العيد أمرها بأن تطوف، فطافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة وقال لها: إن طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يكفيانك لحجك وعمرتك، يعني: أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد حيث إنه جمع النسكين في إحرام واحد.
وإذا عرفنا ذلك نعرف أنه -صلى الله عليه وسلم- ما أخر الحج إلا لعذر، أخره لأجل أن يحج بعد ما يُطهر البيت، وتطهر مكة وتنقطع العادات الجاهلية، فبادر بعد ذلك وحج، ثم إن أبا بكر لما كان خليفة حج أيضا بالناس حجتين في خلافته، وكذلك لما استخلف عمر -رضي الله عنه- كان يحج كل سنة من سني ولايته، عشر سنين حج فيها عشر حجات، كان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يفضلان حج الإفراد، وقصدهم بذلك أن يعتمر الناس في بقية السنة وأن لا يبقى البيت مهجورا لا يرتاده أحد؛ فلذلك فضل عمر الإفراد، ونهى عن التمتع، ونهى عن القران، وليس نهيه للتحريم؛ وإنما نهيه لمصلحة رآها، كأنه يقول: إن الناس إذا اعتمروا مع حجتهم فاكتفوا بسفر واحد، ولم يسافروا بعد ذلك إلى مكة سفر واحد يكفيهم لحج وعمرة فعندئذ يبقى البيت طوال السنة، يعني: في شهر محرم، وفي شهر رجب، وفي شهر صفر، وفي شهر جمادى، وفي شهر ربيع ما يأتي أحد إلى البيت، أما إذا منعناهم وقلنا لهم: اقتصروا في هذا السفر على الحج وحده إفرادا فإن بعضهم يأتي في شهر رجب، بعضهم يأتي في شهر جمادى، بعضهم يأتي في شهر ربيع، بعضهم في رمضان، بعضهم في شوال، بعضهم في شعبان، فيعتمر هؤلاء وهؤلاء فيبقى البيت دائما معمورا بالمعتمرين.
هذا هو قصد عمر في نهيه عن العمرة مع الحجة، لا قبل الحج ولا بعدها ولا معها، ومع ذلك فإن هذا اجتهاد منه؛ وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء ومعه أصحابه وأكثرهم مفردون أمرهم بأن ينقلبوا متمتعين، أن يجعلوا إحرامهم تمتعا وكانوا قد لبوا بالحج، ثقل ذلك عليهم؛ ولكن أكد عليهم أنهم يتحللون؛ فطافوا وسعوا وتحللوا ولبسوا الثياب وتطيبوا وجامعوا النساء، وبقوا أربعة أيام بدون إحرام، ثم أحرموا بعد ذلك في اليوم الثامن بالحج، وصاروا متمتعين، وأمرهم أن يذبحوا فدية، من وجدها ذبح شاة أو سُبع بدنة أو سبع بقرة، ومن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فهذا دليل على أنه فضَّل هذا التمتع لمن لم يكن معه هدي، أما من كان معه هدي كما ساق النبي -صلى الله عليه وسلم- مائة بدنة فإنه يبقى على إحرامه.
هذه معلومات عن صفة الحج وعن أسبابه ونرى أن أوصاف الحج وكذلك الوقوف والمبيت والرمي وما أشبه ذلك أنه معروف متكرر على الإخوة؛ وذلك لأنهم- والحمد لله- تكرر حجهم، وكذلك أيضا تعلموا ذلك بواسطة الرسائل والأشرطة والموجهين والمعلمين ونحو ذلك فلا حاجة إلى أن نتوسع في التطرق إليها نظرا إلى الاهتمام بالأجوبة على أسئلتكم.
نسأل الله أن يجعل حجنا مبرورا، وذنبنا مغفورا، وعملنا صالحا مقبولا، وأن لا يردنا خائبين، نقول: اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ولا تردنا خائبين، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين، ولا عن باب رجائك مطرودين، واجعلنا برضاك من الفائزين يا رب العالمين، والله أعلم وصلى الله على محمد.
أسئـلة
جزى الله شيخنا خير الجزاء، هذا رجل أرسل قال: سماحة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نسأل الله العلي العظيم أن يمد في عمرك، وأن يرزقك الصحة والعافية، وأن يجعلك ممن طال عمره وحسن عمله، وأن يحشرك ونحن معك في زُمرة الصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
س: وهذا يقول: يا فضيلة الشيخ أرجو منك أن تدعو لإخواننا المستضعفين في الشيشان وفلسطين.
جزاكم الله خيرا على هذا الاهتمام، وعلى هذا الدعاء، وتقبل الله منا ومنكم، لا شك أن الدعوة تحتاج إلى شروط حتى يقبلها الله تعالى، ولكن إذا تضافرت الدعوات من المسلمين رُجي إجابتها، سيما في هذه الأماكن والبقع الشريفة، وسيما في يوم عرفة ندعو الله جميعا أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويصلح أحوال المسلمين، نسأله سبحانه أن ينصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، أن ينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي الفلبين وفي كشمير وفي الشيشان وفي سائر البقع الإسلامية التي يُضطهدون فيها ويُستذلون.
ويحرص الأعداء على القضاء عليهم، وعلى إذلالهم وإهانتهم، لا شك أن الأعداء أعداء الإسلام يبغضون الإسلام ويبغضون المسلمين؛ وذلك لأنهم ذاقوا من المسلمين الإهانة والإذلال لما أنهم كانوا مقيمين على الشرك، قاتلهم المسلمون الأولون وأذلوهم وضربوا عليهم الجزية، وقاتلوهم وسبوا نساءهم وذراريهم، وقتلوا رجالهم، سلطهم الله تعالى عليهم لما كانت دياناتهم باطلة؛ فلذلك حقدوا على المسلمين، فرأوا أن القضاء على الإسلام وأهله هو الوسيلة حتى يبقى لهم معنوياتهم.
فنقول: على المسلمين جميعا، أن يعودوا إلى إسلامهم الصحيح، وإلى إيمانهم القوي الثابت، عليهم أن يراجعوا دينهم، أن يراجعوا أنفسهم، عليهم أن يرجعوا إلى ربهم، وأن يصلحوا أحوالهم، فكلما أصلحوا أحوالهم وكلما اجتمعت كلمتهم، وكلما صححوا عقائدهم وتركوا المخالفات وتركوا المنازعات؛ فإن الله ينصرهم ولو كانوا قليلين، وهذا هو ما وقع في سلفنا الصالح أنهم كانوا قليلا كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ فأوصوا إخوانكم بأن يحققوا إسلامهم، وأن يحققوا إيمانهم، وأن يطهروا قلوبهم ويطهروا بلادهم حتى ينصرهم إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .
س: سائل يسأل يقول: ما رأي سماحتكم في خيط الإحرام على شكل إزار، ووضع مطاط على الخصر بحيث لا يحتاج إلى حزام، جزاكم الله خيرا؟
أما الخياطة في الإزار يعني: أن يخيط الطرفين حتى يكون كأنه قميص، بحيث إنه يدخله كما يدخل القميص من قبل رجليه أو من قبل رأسه فهذا لا يجوز؛ لأنه يصبح مخيطا كالقميص، وأما إذا لم يكن مخيطا فلا بأس، إذا شده على عورته أن يربطه بهذا الرباط سواء الحزام أو ما يسمى بـالسرتة أو الكمر أو كذلك المطاط ونحوه، فمثل هذا مخيط ذلك لأنه أصبح كأنه سراويل ...
س: ... وإذا كان من الممنوع وقد لبسه أو لبسته كثير من النساء فماذا عليهن؟
نعم، ممنوع سواء جعلت فوقه خمارا أو تحته، لا يجوز أن تلبس هذا الدثار الذي له فتحات أمام العين، سواء كانت الفتحات كبيرة أو صغيرة وذلك أنه يُفَصَّل على قدر الوجه يعني يربط في أعلى الوجه ويستر الوجه إلى الذقن، ويستر جانبي الوجه وفي هذه الفتحات، هذا هو الممنوع، وأما الخمار لو سدلت خمارها ودلته- أو جلبابها- على وجهها أمام الرجال فلا بأس في ذلك، ومن لبست الخمار يعني: وغطت به وجهها، ومس بشرة وجهها فلا شيء عليها، تقول عائشة رضي الله عنها: كنا إذا كنا ونحن محرمات إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. هكذا ذكرت، وكذلك أيضا الغطاء الذي هو هذا النقاب، إذا قدر مثلا أن امرأة ترخصت ولبسته فإن عليها فدية -صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة- إن كانت جاهلة، نزعته ولا شيء عليها، وإن كانت متعمدة فعليها هذه الفدية.
س: أحسن الله إليك، هذا سائل يقول: هل يجب علينا تجاه إخواننا في المسجد الأقصى واجب أو ما الواجب نفعله؟
أن ندعو لهم هم وسائر المسلمين المستضعفين سواء في المسجد الأقصى أو في غيره من بقع الدنيا.
س: هذا سائل يقول: إذا سلم المأموم قبل أن يسلم الإمام فهل صلاته صحيحة؛ لأنه لم يسمع سلام الإمام، أم يعيد الصلاة؟
إذا سلم قبل الإمام ناسيا أو جاهلا فإنه إذا علم بأن الإمام ما سلم يرجع كما كان في جلسته، ثم يسلم بعد الإمام ولا شيء عليه لأنه يعتبر ساهيا، وسهو الإمام يتحمله المأموم.
س: هذا سائل يقول: يا شيخ هذه حجة الإسلام لي وأنا أدخن ولا أستطيع أن أترك الدخان فهل هذا من الرفث؟ أرجو الجواب.
ليس بصحيح، تقدر أن تترك الدخان، وأن تتوب منه سواء كنت في الحج أو في غيره من الأماكن؛ ولكن قلبك ضعيف وإيمانك ضعيف، ننصحك بأن تترك الدخان حتى ولو لم تحج، وتركه بأن تعزم على تركه وتصبر نفسك ولو أحسست في اليومين الأولين بدوخة أو بآلام في رأسك أو في الأسبوع الأول أو أسبوعين، حتى يشفيك الله تعالى منه وتسلم من هذا الداء العضال، ننصح كل مدخن أن يجرب ذلك حتى يعافيه الله تعالى، وحتى يسلم من هذا الداء العضال، ونقول: إنه إذا كان مبتلى ولا يستطيع الصبر فإنه ليس من الرفث الذي ذكر؛ ولكن قد يكون من الفسوق لقوله تعالى: فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ .
س: هذا سائل يسأل يقول: ما حكم لبس كمام الفم والأنف للمحرم خشية دخول فيروس أو مكروب نتيجة الزحام بين الحجاج؟
لا بأس في ذلك عند الحاجة، يعني: هذا الكمام الذي يجعل على الفم والأنف قد يحتاج إليه بعض الناس الذين يتأثرون بدخان السيارات أو بروائح بعض الناس أو روائح القمامات وما أشبهها، هناك كثير من الناس يتأثرون فلا بأس أن يجعلوا هذه الكمامات.
س: يقول: إذا غطيت عيني أثناء النوم العين فقط فهل علي إثم أو حرج؟
ليس عليك حرج، سواء غطيتها بيدك مثلا أو بمنديل أو ما أشبه ذلك.
س: هذه امرأة تسأل تقول: لي ضرة تزوجها زوجي قبل عدة سنوات وعلاقتي معها حسنة، وفي ذات يوم سافرت ضرتي مع زوجي وكان معي نسخة لمفتاح بيتها فدخلت ووجدت إسورة من ذهب تقدر بثلاثة آلاف ريال، فأخذتها وبعتها، تقول: وهي الآن نادمة ولا تدري ماذا تفعل، وتقول: لا أستطيع الاعتراف لها بذلك لأنه يترتب عليه الشقاق والنزاع، أرجو الحل لهذه القضية؟
لا يحل لها كتمان ذلك، فعليها أن تخبرها وتستسمحها وتقول: إنني تجرأت، أنا وأنت زوجات لرجل واحد وكل منا عليه حقوق وله حقوق على الزوج، وتجرأت عليك وأخذت حُليك وبعته بكذا وكذا والآن هو عندي إذا أردت أن أعطيك وإن سامحتي فزوجك وزوجي سوف يعطي جميعنا ما تحتاجه، هذا الذي نراه لا بد من الاعتراف بذلك.
س: يقول: حججت مع زوجتي فهل يجوز لي أن أمشي من المزدلفة بعد منتصف الليل مباشرة إلى مكة وطواف الحج مع السعي وبعد ذلك الحلق ثم الرجوع إلى الحملة وبعد العصر من يوم العيد نرمي جمرة العقبة أفيدونا؟
يجوز ذلك؛ ولكنه خلاف الأولى لأن الرخصة إنما هي للظعن والضعفة؛ فإن كنت تخشى مثلا أن تأتيها العادة وتحبسك وتقول: نتقدم في آخر الليل، ليلة العيد حتى لا تأتيها العادة ونتضرر بالتأخر فلك عذر، وأما إذا كان مجرد خوف الزحام فلا مانع من أن تؤخر طواف الإفاضة ولو بعد العيد بيوم أو بيومين أو بخمسة أيام، وقته واسع.
س: هذا سأل يسأل يقول: أود أن أسألك فضيلة الشيخ عن امرأة حاضت قبل الإحرام فأحرمت بإفراد الحج ثم تبين لها فيما بعد أن القران أفضل، وأن طواف القدوم هو سنة وليس بواجب، وأن القران مثل أفعال الإفراد إلا بهدي؛ فهل يجوز لها الآن وبعد إحرامها بالإفراد أن تحول النية من الإفراد إلى القران، وإن كان ذلك جائزا فهل هذا أفضل لها أم لا؟ أحسن الله إليك.
لا يجوز، الذي نعرف أنه لا يجوز أن يقلب المفرد إحرامه إلى قران، ولكن يجوز إلى تمتع إذا كان محرما بالإفراد وجاء مبكرا وطاف وسعى قلب نفسه متمتعا قصر من شعره وتحلل وجعل ما مضى عمرة، ولبس وأحرم بعد ذلك بالحج في يوم التروية، فأما أن يدخل العمرة على الحجة فهذا فيما يظهر لا يجوز.
س: هذا سأل يسأل يقول: وعدت شخصا بمبلغ من المال منذ مدة ولم أعطه هذا المبلغ، هل يعتبر دينا يستوجب الاستئذان للحج؟
ليس بدين لكنه من الشيم الذي أمر الله بها لقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ وفي ذم المنافق: وإذا وعد أخلف. وحيث إن هذا مجرد هبة، ومجرد عطية؛ فلا يكون لازما ولا يكون دينا.
س: يقول: إذا كان أخي عليه دين وقلت له: اذهب إلى الحج؛ لأنه لم يرده عن أداء الحج إلا الدين على أن أتكلف بقضاء دينه إذا وافاه الأجل الذي فرضه فماذا رأي سماحتكم في هذا؟ وهل الدين يعتبر مانعا من الحج أم لا؟
لا بأس أنك تأذن له أن يحج وتتحمل عنه الديون، ونقول: ليس الدين مانعا من الحج إلا إذا كان أهله يتشددون، إذا كانوا مثلا يمنعون صاحب الدين من الأسفار ولو كانت قريبة، فمثلا: إذا منعوه من السفر من الرياض إلى الدمام قالوا: لا تسافر إلى الدمام أعطنا أجرتك، أو لا تسافر مثلا من الرياض إلى نجران أعطنا أجرتك، أو لا تسافر إلى تبوك. فإنه والحال هذه لا يحج حتى يوفيهم؛ لأنهم إذا منعوه مثلا من هذه الأسفار منعوه من السفر إلى مكة أما إذا كان لا يستأذنهم، أو يعلمون أنه يسافر ولا يردونه، فمن طريق الأولى أنهم لا يردونه عن الحج إن شاء الله.
س: أحسن الله إليك، يقول: هل الرمي قبل فجر يوم العاشر للنساء ومن معه هل هذا يصح قبل منتصف الليل أو بعد منتصف الليل؟
لا يصح قبل منتصف الليل، وبالنسبة للأقوياء نرى أنه لا يصح قبل طلوع الشمس، وبالنسبة للظعن والضعفة فلا مانع من أنهم يرمون آخر الليل، النساء ونحوهن من الكبار الأسنان أن يرموا آخر الليل، وأما الأقوياء فنرى أنهم لا يرمون إلا بعد طلوع الشمس.
س: يقول: نذرت نذرا وهو أن أصوم يوما عن كل مرة أرتكب فيها أحد المحرمات بنية الإقلاع عنه وذلك قبل رمضان في العام الماضي، وقبل عدة أشهر حددت انتهاء هذا النذر بحلول رمضان الذي انقضى والآن وقد ارتكبت هذا المحرم لأكثر من ستين مرة فهل أصوم ستين يوما أم أن هناك كفارة لهذا النذر علما أن ارتكاب هذا المحرم لا يحدث سهوا بل بسابق قصد، جزاكم الله خيرا، وأرجو أن تدعو لي أن يساعدني الله -عز وجل- بالإقلاع عن هذا المحرم؟
نوصيك بكثرة الدعاء، ونوصيك أيضا بأن تفعل الأسباب التي تحول بينك وبين هذا المحرم سواء كان مثلا شرب دخان أو شرب خمر أو سماع أغان أو ترك صلاة مع جماعة أو مثلا فعل العادة السرية أو زنا أو معاملة ربوية أو نحو ذلك من المحرمات، ننصحك بأن تتركها وأن تفعل الأسباب التي تبعدك وتخلصك منها، وأما هذا النذر فحيث إنك ما قصدت به القربة؛ وإنما قصدت بهذا الصيام أن يكون حاجزا ومانعا لك من هذا الفعل، فنرى أن فيه كفارة يمين؛ لأنك ما قصدت القربة إنما قصدت المنع فأطعم عشرة مساكين وتَنْحَل اليمين.
س: هذا سائل يقول: أحرمت من بيتي وفي الطائرة عند الميقات قلت: لبيك اللهم حجة، فهل علي هدي أم لا؟
معناه أنك مفرد، والمفرد ليس عليه ذبح.
س: فضيلة الشيخ: ..أن امرأتي عليها صيام قضاء من أيام رمضان وتريد صيام الأيام المسنون صيامها من أيام الحج، وهي لم تكمل قضاء الذي عليها بعد؛ فما الحكم؟
تبدأ بالأيام التي عليها، فإذا صامت هذه الأيام الشريفة جعلتها بنية القضاء؛ فتقول: أصوم تسعة أيام في أول هذا الشهر الذي هو الأول والثاني إلى اليوم التاسع أصومها يحصل لي فضل هذه الأيام ويسقط عني من قضاء رمضان مثلها؛ فتجمع بين صيام عن الفرض وأجر الفضل في هذه الأيام.
س: يقول: ما الحكم في رجل محرم إذا لم يستعمل الفرشاة والمعجون المعطر فإن أسنانه سوف تتضرر، وإذا كان عليه شيء فهل مع كل فعل أم مرة واحدة؟
لمرة واحدة والظاهر أن هذا المعجون ولو كان له رائحة أنه لا مانع من استعماله عند الحاجة.
س: يقول: سافرت إلى مدينة أوروبية وقد نُسيت البوصلة وكان قضاء مدة ثلاثة أيام متتالية، واجتهدت لمعرفة القبلة، وبعد عدة صلوات تبين لي أنني صليت إلى غير القبلة فهل وجب علي إعادة الصلاة علما بأني قد نسيت عدد هذه الصلوات؟
نرى أنك مجتهد وليس عليك إعادتها، عليك أن تتحرى إذا كنت مسافرا وإذا تبين لك أنك أخطأت حتى ولو عرفت الخطأ في يومه؛ فلا تعد.
س: يقول: دخلت عمرة في رمضان ولم يكن لدي نية للحج والآن عزمت على الحج وجئت من الرياض وأحرمت بالحج فقط فهل علي هدي أم لا؟
ليس عليك هدي، إذا كانت العمرة في رمضان في غير أشهر الحج فليس عليك، ولا تصير متمتعا لبعد المسافة.
س: يقول: اعتمرت في أول ذي الحجة لنفسي، وحججت في هذه المرة -حججت الآن لجدتي- هل يعتبر من التمتع ويلزمه هدي أم لا؟
يعتبر تمتعا ولو كانت العمرة لواحد، والحجة لواحد إذا نويت أن العمرة لك والحجة لأبيك مثلا فإنك تعتبر متمتعا، يعني المتمتع هو الذي سافر سفرا واحدا حصل فيه عمرة وحجا سواء كانا ..مقترنين كالقارن أو متفرقين كالمتمتع.
س: يقول: جئت قبل عدة سنوات للحج متمتعا فأنهيت العمرة ثم جئت إلى منى يوم التروية؛ ولكن حدث لي ظروف ورجعت إلى مدينتي مع العلم بأنني قد قلت: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ولم أحرم أو أنو للحج فهل علي شيء أم لا؟
إذا كنت أحرمت بالعمرة وانتهيت منها ثم أحرمت بالحج الذي هو حج التمتع واشترطت عند الإحرام، إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وحبسك حابس ومنعك مانع حال بينك وبين إتمام حجك، ورجعت قبل أن تقف بعرفة فلا شيء عليك إذا تحللت لأجل هذا الحابس والمانع، أما إذا لم يكن هناك مانع وتركت الحج؛ فإنك تعتبر آثما وتبقى على إحرامك، وأما إذا لم تكن اشترطت وحصل لك مانع فإنك تذبح؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ .
س: هذا يقول: يا شيخ بماذا تنصحون للاستفادة الكاملة في عرفة وكذلك باقي أيام التشريق، انصحوني للاستفادة بوقتي؟
ننصحكم بكثرة الذكر؛ فإن الإنسان في هذا العمل مأمور بإكثاره من ذكر الله تعالى، قال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ وقال تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وقال تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ كثرة الذكر- تهليل وتكبير وتحميد وتسبيح واستغفار وحوقلة- وكذلك الإكثار من التلبية في كل الحالات، كلما تجددت حالة جدد التلبية، وكذلك الإكثار من الدعاء، دعاء الله تعالى بما يحفظه الإنسان، سؤال الله المغفرة والرحمة والجنة والثواب، وقبول الأعمال والنصر والتوفيق والتسليم والصلاح والإصلاح، يسأل الله كل شيء حتى حاجاته العادية، فإن الله تعالى هو الذي يملكها سيما في هذه الأيام الشريفة وسيما في هذه البقع ومع هذا العمل الصالح.
س: تقول امرأة: كان علي قضاء من رمضان فصمت وفي أحد هذه الأيام ذهبنا أنا وزوجي لرحلة فقال لي زوجي: أفطري؛ فقلت له: إنه من رمضان وليس عليك أن تجبرني لأنه قضاء من رمضان. ولكن أجبرني على الطلاق وليس علي مشقة؛ فهل يصح له أن يجبرني أم لا؟
يصح ذلك لأن القضاء وقته واسع –وقت قضاء رمضان فيه سعة، يصح تأخيره فالإنسان مثلا إذا صام قضاء فعرض له عارض أو نزل به ضيف فله أن يفطر ويقضيه في اليوم الذي بعده أو الأيام الأخرى.
س: تقول: كنت مفصولة عن زوجي خلال أيام زكاة الفطر، وبعد ذلك بشهر طلقت منه وأرجع لي باقي ذهبي الذي عنده فهل لي زكاة في هذا الذهب- أو قالت: على الذهب زكاة- ؟
حيث إنه –يعني- كان قد أخذه لأجل هذا الخلاف والشقاق، انقطع الحول فبعد إرجاعه إليها تستقبل حولا جديدا، إذا حال الحول بعدما رده عليها لها أن تزكيه.
س: يقول: هل يجوز لي الرمي عن زوجتي التي تعاني من صعوبة في المشي بسبب وجود إصابة في رجلها؟
لا بأس بذلك لكن إذا كنتم في هذا المكان هذا المكان قريب من الجمرات نرى أنه لا حرج ولا مشقة في المشي وتؤخره إلى الليل مثلا يعني: يوم العيد، الرمي بعد العصر يكون واسعا، أو تؤخره إلى الليل يوم العيد ويوم إحدى عشر أما إذا شق ذلك عليها فلها التوكيل.
س: يقول: قبل عشر سنوات حججت، وعند رمي جمرة العقبة حذفت الجمرة من الطابق العلوي ومع شدة الزحام لا أعلم هل سقطت الحصوات في الحوض أم لا؟
الغالب أن الدور الأعلى تكون الفتحة واسعة فيه فإذا وجهتها فقد سلمت وأجزأت إن شاء الله.
س: هل طواف الوداع يكفي عن طواف الإفاضة؟
يكفي إذا كان آخر شيء إذا طاف الإنسان عند سفره كفاه عن طواف الإفاضة وطواف الوداع.
س: يقول: يا شيخ، لقد اغتسلت بنية الحج هنا في منى ولبست الإزار ثم تطيبت ولكن على جسمي وليس على الإزار ثم لبست، ثم لبيت فهل علي شيء أم لا؟
ليس عليك شيء، يعني: يُسن عند الإحرام أن الإنسان يُطيب شعره ومفارقه ولحيته وكفيه ولا يمس الطيب إزاره ولا رداءه، فلا مانع من الطيب عند عقد الإحرام.
س: يقول: لدي شغالة دخلت إلى الحج وعليها دم العادة (الحيض)؛ فماذا أفعل يا شيخ؟
إذا طهرت قبل سفر الرحلة فإنها تطوف طواف الإفاضة، وأما إذا لم تطهر فإنها تبقى بإحرامها محرمة على زوجها إن رجعت إلى بلدها الرياض مثلا فإنها إذا طهرت يرجع بها أحد محارمها لتكمل نسكها ولو تأخرت إلا أنه لا يطؤها زوجها حتى ترجع وتكمل النسك أو يتأخر معها محرمها يومين أو ثلاثة أيام حتى تطهر ثم بعد ذلك يركب في سيارة النقل.
س: هذا سائل يقول: ما حكم إزالة شعر الوجه بالليزر حيث إنه بعد إزالة الشعر بالليزر ينبت مرة أخرى ضعيفا ثم إذا أزيل مرة أخرى يضعف الشعر وينتهي ولا ينبت بعد ذلك، ما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.
نرى أنه لا يجوز يعني: بالنسبة للرجال، النساء لا بأس إذا ظهر في وجوههن شعر إزالته بما ذكر بالليزر أو غيره، أما الرجل فشعر وجهه –يعني- عارضيه وذقنه لا يجوز له أن يزيله لا بالليزر ولا بغيره، والذين ابتلوا بحلق اللحى ننصحهم بالإقلاع عن ذلك؛ لأنه ذنب ومعصية سواء حلقوها بالليزر أو بالموسى أو بغير ذلك.
س: نسأل الله -عز وجل- أن يجعل ما قدمه الشيخ في ميزان حسناته، ويجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى من الجنة وأن يغفر لنا وله والله أعلى وأحكم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد .

line-bottom